الاتحاد المصري للتأمين يرصد تحديات رحلة قطاع الطيران نحو الاستدامة 

رحلة قطاع الطيران نحو الاستدامة وعلاقتها بصناعة التأمين

استعرض الاتحاد المصري للتأمين ، في نشرته ، رحلة قطاع الطيران نحو الاستدامة وعلاقتها بصناعة التأمين .

وأوضح أنه في عصر يتسم بالترابط العالمي والتقدم التكنولوجي السريع، يعدّ الطيران من أهم وسائل النقل الحديثة. حيث ساعد على النمو الاقتصادي والتبادل الثقافي والاتصال على نطاق غير مسبوق في تاريخ البشرية. وعلى الرغم من أثره الايجابي يتعرض قطاع الطيران للانتقاد بسبب تأثيره على البيئة بشكل كبير، ولا سيما مساهمته في انبعاثات الغازات الدفيئة وتغير المناخ.

وقد أدت ضرورة التخفيف من هذه العواقب البيئية إلى تحفيز تحول صناعة الطيران نحو الاستدامة. تشمل الاستدامة في مجال الطيران نهجا متعدد الأوجه يتضمن الحد من انبعاثات الكربون و الاستخدام الفعال للموارد، وتقليل النفايات، ومراعاة الآثار الاجتماعية والاقتصادية.

وتستعرض النشرة التحديات التي تواجه قطاع الطيران للتحول نحو الاستدامة والابتكارات التكنولوجية التي تقود هذا التحول، بالإضافة إلى الأطر الاقتصادية والتنظيمية التي تشكل مساره وأيضاً دور التأمين تجاه انبعاثات قطاع الطيران. ومن الأمور الأساسية دراسة التحديات والفرص التي تقدمها مبادرات الاستدامة، وتأثيرها على أصحاب المصلحة داخل قطاع الطيران وخارجه، والدور المحوري للبحث والتطوير في رسم مستقبل مستدام لقطاع الطيران.

التحديات التي تواجه رحلة قطاع الطيران نحو الاستدامة 

تساهم صناعة الطيران في انبعاثات الكربون العالمية الناجمة عن النشاط البشري سنوياً ، و التي تصل إلى ما يزيد قليلا عن 2٪. كما تمثل 12% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن وسائل النقل.

وعلى الرغم من أن قطاع الطيران يمثل حصة صغيرة نسبيًا بالنسبة للانبعاثات العالمية ولكنه يمثل أكثر القطاعات صعوبة في إزالة الكربون، ومع ذلك التزم القطاع بتحقيق صافي انبعاثات صِفرية بحلول عام 2050.

تتعرض صناعة الطيران باعتبارها صناعة عالمية الصناعة لأنظمة مختلفة لإزالة الكربون وإعداد تقارير الاستدامة، ويزيد من هذا التعقيد حقيقة أن نمو طلب الركاب فاق بكثير تدابير خفض الانبعاثات. مما سيؤدي إلى الحاجة لبذل جهود أكبر لإزالة الكربون في السنوات المقبلة حيث تختلف الشركات في قطاع الطيران بشكل ملحوظ من حيث مدى استعدادها لمواجهة تغير المناخ والانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة .

من المتوقع أن يأتي جزء كبير من النمو المستقبلي لهذا القطاع من الأسواق الناشئة، لا سيما في آسيا وإفريقيا، نظراً لأن النمو الاقتصادي السريع والتوسع الحضري أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على السفر الجوي.

يجب أن يراعى في استراتيجيات نمو صناعة الطيران أن تأخذ في اعتبارها التأثير السلبي على البيئة الناتج من الانبعاثات

يتوقع العديد من المحللين أن تصبح قضايا الاستدامة عاملاً أكثر أهمية في عملية اتخاذ القرار لدى المستهلكين، بما في ذلك قراراتهم بشأن السفر واختيارهم لشركة الطيران.

خيارات الطاقة النظيفة للمساهمة في تقليل الانبعاثات

تعتبر الرحلات الجوية المتوسطة والطويلة أكثر صعوبة في إزالة الكربون وأقل ملاءمة للتكنولوجيات المبتكرة مثل الهيدروجين والطاقة الكهربائية، حيث تمثل الرحلات الجوية المتوسطة والطويلة نسبة 73% من انبعاثات الكربون في صناعة الطيران.

لذلك يعتبر العنصر الرئيسي لخفض انبعاثات رحلات الطيران المتوسطة والطويلة هو الوقود المستخدم في الطيران والذي من المرجح أن يعتمد على وقود الطيران المستدام ، مع توقع أن يكون للهيدروجين والطاقة الكهربائية دور محدود.

و يعرف وقود الطيران المستدام SAFبالوقود البديل المصنوع من مواد أولية غير بترولية والتي تساعد على تقليل الانبعاثات الناتجة عن النقل الجوي.

ومن المزايا الأساسية في استخدام وقود الطيران المستدام SAF: وافق المحرك والبنية التحتية ، انبعاثات أقل ، مزيد من المرونة

ووفقًا لمنظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، اعتمدت أكثر من 360.000 رحلة جوية تجارية على وقود الطيران المستدام في 46 مطار مختلف يتركز معظمها في الولايات المتحدة وأوروبا.

ومع ذلك، فهناك تحديان رئيسيان مرتبطان بوقود الطيران المستدام هما : زيادة الطلب و ارتفاع التكلفة

دور التأمين تجاه انبعاثات قطاع الطيران

يلعب تأمين الطيران أيضًا دورًا حيويًا في الاستدامة بطرق أخرى، على سبيل المثال من خلال :

تمكين طائرات الإمداد وسيارات الإسعاف الجوي من الوصول إلى الأماكن التي تقع بها كوارث.

يدعم تأمين الطيران التغطية التأمينية للطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية وغير ذلك.

تعمل بعض شركات التأمين بشكل مكثف على مسألة تقييم محفظة تأمين الطيران الخاصة بها وفقًا للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG).

استراتيجيات شركات التأمين لتقليل الانبعاثات الناجمة عن قطاع الطيران

تضع شركات التأمين العديد من الاستراتيجيات التي يمكنها استخدامها لمعالجة الانبعاثات الناجمة عن قطاع الطيران:

تقييم المخاطر والتسعير

الالتزام بأهداف خفض الانبعاثات: 

تقديم منتجات التأمين المستدامة تلبي ممارسات الطيران الخضراء أو المستدامة 

المشاركة والتعاون لتطوير معايير على مستوى الصناعة لتقليل الانبعاثات لتشجيع الامتثال والابتكار في تكنولوجيات خفض الانبعاثات.

تمويل البحث والتطوير: يمكن لشركات التأمين تمويل الشركات الناشئة أو المشاريع التي تعمل على حلول الطيران المستدامة.

الشفافية وإعداد التقارير: يمكن لشركات التأمين أن تطلب من عملائها في قطاع الطيران الإبلاغ عن انبعاثاتها و عن التقدم الذي أحرزته نحو تحقيق أهداف تخفيض الانبعاثات

الإفصاح عن مخاطر المناخ: يمكن لشركات التأمين أيضًا الكشف عن المخاطر والإجراءات المتعلقة بالمناخ الخاصة بها للحد من بصمتها الكربونية. وهذا يمكن أن يكون قدوة لعملائهم وأصحاب المصلحة الآخرين في قطاع الطيران.

ومن خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات، يمكن لشركات التأمين أن تلعب دورًا مهمًا في تشجيع قطاع الطيران على تقليل انبعاثاته والمساهمة في الجهود العالمية للتخفيف من تغير المناخ.

التزام منظمة الطيران المدني الدولي في COP28

كان الطيران أحد القطاعات محل اهتمام خبراء وزعماء العالم في هذا الاجتماع حيث قررت منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، التزامها باعتماد إطار عالمي يلتزم بـ “السعي نحو تحقيق رؤية عالمية طموحة جماعية” لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الطيران الدولي بنسبة 5 % بحلول عام 2030، من خلال استخدام أنواع الوقود الأنظف مثل SAF.

مساهمات الدول لتقليل الانبعاثات في قطاع الطيران

نظراً للتحديات التي تواجه القطاع نحو تحقيق الاستدامة والذي يتمثل في أن معظم النمو في الطلب على السفر الجوي يحدث في الأسواق الناشئة التي عادة ما تكون أكبر حجما وأكثر كثافة سكانية ، لذلك قامت بعض الدول مثل النمسا وفرنسا بإصدار تشريعات جديدة لمنع الرحلات الجوية القصيرة نظراً لوجود بدائل ممكنة مثل القطارات، ومن المتوقع أن تحذو دول الاتحاد الأوروبي الأخرى حذو الدولتين في إصدار تشريعات مماثلة.

وضع تدابير دعم الحكومة للتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة والمبتكرة

 تطوير بدائل عملية وقابلة للتطوير، مثل الطائرات التي تعمل بالطاقة الكهربائية أو الهيدروجينية للرحلات القصيرة.

تحسين كفاءة استخدام الطاقة لتقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات في قطاع الطيران.

ويرى الاتحاد المصري للتأمين ، أنه مكن أن تشهد السنوات القليلة المقبلة عددًا لا يحصى من التغييرات مع انتقال صناعة الطيران إلى عصر تكنولوجي جديد مع تقليل مساهمتها في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن النشاط البشري في الوقت نفسه.

ومن المهم التعرف على فرص وتحديات صناعة الطيران كغيرها من القطاعات الأخرى التي تحتاج إلى الحد من الانبعاثات ، ومع قيام القطاع بإنشاء نماذج أعمال أكثر استدامة من خلال إدخال تحسينات على المحركات والمواد وتحسين التشغيل وإيجاد الحلول لمواجهة زيادة الطلب، و الاستجابة للتوقعات ، فمن المرجح أن تظهر أنواع جديدة من المخاطر. لذلك تحتاج الشركات إلى تحديد وقياس تأثير تغير المناخ على أعمالها في المستقبل القريب والبعيد، مع وجود فهم قوي أيضًا للتغير في ملف المخاطر الناجم عن التحول إلى كربون منخفض.

وتنطوي هذه المبادرات على تحديات وشكوك جديدة لمقدمي خدمات تأمين الطيران، الذين يحتاجون إلى تقييم الفوائد والمخاطر المحتملة لهذه الابتكارات وتعديل أسعارهم واكتتابهم وفقًا لذلك.كما يحتاج قطاع التأمين لدعم هذا التطور، و مساعدة شركات الطيران على تحديد وقياس وإدارة ملفات تعريف المخاطر المتغيرة.

ومن خلال هذه الجهود المتضافرة، لا تعترف صناعة الطيران بدورها في الانبعاثات العالمية فحسب، بل تسعى بنشاط إلى إيجاد حلول مبتكرة لضمان مستقبل مستدام للسفر الجوي. إن الرحلة نحو استدامة الطيران معقدة ومستمرة، ولكن مع كل خطوة، تقترب الصناعة من أفق أكثر خضرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى