الدكتور عبدالرحمن طه| تشريعات الذكاء الاصطناعي بين الدعم والرقابة والابتكار

الدكتور عبدالرحمن طه| تشريعات الذكاء الاصطناعي بين الدعم الرقابة والابتكار

لاشك أن الثورة الصناعية الرابعة قد فرضت نفسها على الساحة الأقتصادية العالمية بل أصبحت عاملا اساسيا في التوجهات السياسية وابرز مثال على ذلك الانتخابات التي تجرى في الولايات المتحدة الأمريكية. فإذا هناك اختلاف وتنافس بين كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن ومريحة الحزب الديمقراطي وبين دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق ومرشح الحزب الجمهوري في كافة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإن هناك اتفاق بينهما هو أنه لا يجوز الاعتماد على اقتصاد العملات الرقمية المشفرة ولهذا الأمر أثر سابق فعندما طالبت مؤسسات المجتمع المدني الرئيس أوباما في العام ٢٠١٠ بتغيير شامل بالنظام التعليمي ليتم دمج البرمجة في نظام التعليم الأساسي الابتدائي تم زعم أن هذا الامر مكلف ومستحيل واكتفى الرئيس الأمريكي السابق أوباما باعتماد نحو ٥٠٠ مليون دولار فقط لدعم النظام التعليمي لا تغييره وأيده في ذلك جمهور من الفقه الأقتصاد الذي لم يقتنع بوجود ثورة صناعية رابعة في ذلك الحين

في تلك الآونة ظهر فقيه اقتصادي كان رئيس اللجنة الأقتصادية بالحزب الديمقراطي والذي ينتمي له الرئيس السابق أوباما واصدر مؤلفه الصناعات المستقبلية والذي تحدث عن الثورة الصناعية الرابعة وكان مسؤلا عن البرنامج الأقتصادي في الحملة الانتخابية آنذاك للمرشحة هيلاري كلينتون والذي ربما كان فوزها كان سيغير من مجريات الأقتصاد العالمي ولكن فوز ترامب بالرئاسة ممثل الحزب الجمهوري أخر نوعا ما ظهور الثورة الصناعية الرابعة في الولايات المتحدةالأمريكية حتى أنه تم معالجة التفوق الصيني في هذا الإطار على أنها حربا تجارية لا أكثر في حين الصين ومنذ أوباما وضعت مايسمى بخطة ( صنع في الصين ٢٠٢٥ ) التحول من دولة كبيرة إلى دولة كبيرة قوية

حتى جاء الرئيس الأمريكي جو بايدن ممثلا عن الحزب الديمقراطي والذي وضع أساس الثورة الصناعية الرابعة في الولايات المتحدةالأمريكية وبدأ بالحرب البيولوجية كورونا ثم استكمل أزمة سلاسل الإمداد المفتعلة منذ ترامب وافتعل أزمة روسيا و أوكرانيا حتى حتى أعلن في خطابه الشهير في الكونجرس باسم ( صنع في امريكا) بعد اسبوع واحد من قيام الحرب الروسية الاوكرانية ليعلن أنه حان الوقت لتصنيع التكنولوجيا وتوطينها في الولايات المتحدة الأمريكية كما أصدر قانون الرقائق والعلوم الصادر في عام ٢٠٢٢ والذي بمقتضاه يتم دعم شركات تصنيع الرقائق واشباه الموصلات و الذكاء الاصطناعي ماديا محطما أكبر المبادئ الرأسمالية وهي عدم تدخل الدولة في الاقتصاد

والي هنا اكتفت الولايات المتحدة الأمريكية بوضع تشريعات تدعم مجالات الثورة الصناعية الرابعة في تصنيع الرقائق واشباه الموصلات و الذكاء الاصطناعي وبدأت سيطرة الشركات الأمريكية على العالم لتشعر الصين ومعها الاتحاد الأوروبي بضرورة وضع تشريعات من شأنها حماية نفسها من الهجوم البربري لشركات التكنولوجيا الرقمية الأمريكية فهمت صياغة كلا من قانون الرقائق الإلكترونية في الاتحاد الأوروبي، والذي يدعم ماليا زيادة حصة دول الاتحاد الأوروبي في إنتاج الرقائق إلى 20% من حجم الإنتاج العالمي بحلول عام 2030 ليكون هذا القانون الصادر في يوليو ٢٠٢٣ موازيا للقانون الأمريكي والي هنا تقف التشريعات الأمريكية الي حد الدعم إلا أن الانتخابات الأمريكية الحالية تنبأ بتحول التشريعات من حالة الدعم إلى حالة الرقابة والحماية

وتذكر ياصديقي ما قلناه من اتفاق كامالا هاريس و ترامب عن عدم دعم العملات الرقمية إلا أن هذا الاتفاق في السابق أصبح موجود الآن بينهم فكلاهما اقرا بضرورة الاعتماد على العملات الرقمية المشفرة و في ظل سكوت الكونجرس الأمريكي عن إصدار تشريعات حماية ورقابة على الذكاء الاصطناعي أصدر الاتحاد الأوروبي قانون الأسواق الرقمية المعني بتطبيق الحماية على المستهلكين والرقابة على شركات المعلومات ولكن الأمر لم يمتد للرقابة على صناعة الذكاء الاصطناعي وهنا يأتي دور احد اعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري سينثيا ماري لوميس ليقترح قانونا فيدرالي لشراء ٢٠٠ الف عملة بيتكوين على خمس سنوات بواسطة الاحتياطي الذهبي الأمريكيوالذي سيحظى بدعم من ترامب والحزب الجمهوري حال الفوز بالانتخابات ولم يقف الأمر عن هذا الحد بل قام سكوت وينر النائب الديمقراطي بالتقدم بمشروع قانون لتنظيم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي يسمى بقانون “إس بي 1047” لنرى هنا أن هناك تحولا في نهج الأحزاب الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية من سن التشريعات الداعمة إلى سن التشريعات الحمائية سواء فيما يتعلق بحماية الاحتياطي النقدي بشراء العملات الرقمية المشفرة او بحماية الصناعة بإيجاد مجلس رقابة يشرف على وضع معايير صناعة الذكاء الاصطناعي التوليدي

ليبقى عدة تساؤلات تطرح في إطار الدول التي لم تواكب بعد هذه المسألة التشريعية فمتى يتم سن القوانين الداعمة والقوانين الرقابية والحمائية على غرار ماحدث في الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي والسؤال الثاني كيف سيكون شكل الاحتياطي النقدي العالمي بعد اعتمادي البيتكوين مع ملاحظة أن كل عملة بيتكوين تساوي الان نحو ٢٤ أولية ذهب وفق اخر الأسعار العالمية وهناك تساؤل آخر فما هي حدود التطوير و الابتكار في صناعة الذكاء الاصطناعي على المستوى المحلي الغربي وعلى المستوى العالمي التبتكاري هل سنرى يوميا عقوبات اقتصادية تفرض على دولة العالم التي طور صناعة الذكاء الاصطناعي كما يحدث في النطاق النووي

على أية حال على الجميع عدم انتظار المستقبل فهو قادم لا محالة وبدلا من انتظار ده تحرك فعليك تطوير نفسك حتى يأتي المستقبل فقدوم المستقبل وانت متطور خير من أن يأتي وانت لم تطور نفسك بعد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى