الدكتور عبدالرحمن طه يكتب| القرآن والاقتصاد 13

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الاولين والآخرين وإمام الرسل أجمعين محمد بن عبدالله الأمين النبي الأمي الذي علم بالقلم النبي العربي الذي علم العرب والعحم من أوتي علم الأولين والاخرين وعلى آل بيته الكرام وصحبه الأخيار وسلم تسليما كثيرا ، وما توفيقي إلا بالله ، أما بعد فما من الله به علينا من نعم لا تحصى ولا تعد داخلة في التدبر والفهم ولا يجب علينا أن نتركها تمر مرور الكرام ، فالتدبر والتعقل شكرا للنعم العقلية والعلمية والشكر يديم النعم ويزيدها ، واليوم أنعم الله علينا بفضله وكرمه وببركة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بتناول الاية رقم 177 من سورة البقرة ، بسم الله الرحمن الرحيم ” لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ

البر هو الصدق والطاعة والخير والفضل وكل قول أو عمل يشير لما سبق وعليه فإن مسألة البر تكون دقيقة للغاية إذا محل الحديث هو الاقتصاد والمعاملات التجارية ، فالله عز وجل أورد بداية الآية بأنه “ليس البر ” تأكيدا وتعظيما عن نفي صفة البر عن افعال الاشخاص التي تقوم بأداء ما فرضه الله من صلاة وهي أهم ركن في الاسلام بعد الشهادة، والاكتفاء بذلك دون القيام بباقي أفعال البر والتي أوردها سبحانه في مستهل الاية الكريمة وأعتقد أن ربط نفي البر بأهم ركن بالاسلام وهي الصلاة دليل على أهمية وعظمة الامر وضرورة الانتباه لما يرد في تلك الاية فالله عز وجل أراد أن ينبه عباده لأهمية الأمر وقال لهم لا تكتفوا بالصلاة وتقوموا بهدم الحياة وعلى رأيها الاقتصاد محل الحديث هنا ولكن عليكم يا عبادي أن تقوم بالعديد من الامور ومنها ” ولكن البر من آمن بالله ” أي أنك لا تأخذ ماتريد من تريد وتترك ما لا يحلو لك أو أن تترك ما تجد لنفسك مبرراَ بتركه ، ” واليوم الآخر والملائكة والنبيين ” وهنا تذكير وتنبيه بعناصر الايمان المتكامل ولك في الانبياء وما قاموا به من أعمال مثال وعبرة سنفرد لها فصلا خاصة سنرد فيها مهن الانبياء وما اشتغلوا به وكيف مارسوا مهنهم والدليل على أهمية الاقتصاد عند الله عز وجل أنه لم يجعل هناك نبيا لا يعمل أو بدون مهنة بل جعل لكل واحد مهنة اشتهر بها وعلى ذلك فالله عز وجل ينبه عباده من العاملين في كافة المهن بضرورة تتبع افعال المصطفى صلى الله عليه وسلم وكذلك تتبع ما نزل بكتابه والتأسي بأخلاق الانبياء و أفعالهم في معاملاتهم التجارية من بر والذي يعني الصدق والطاعة وفعل الخير

، ” وآتى المال على حبه ” أي أن قمة البر أن تقوم مختارا لا غصبا بأن تنفق في سبيل الله ما رزقك الله إياه وأن تعطي كما حدد الله عز وجل ، كلا من المسكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب ، وهو أمر يحث على الفضائل وعدم الاكتناز الذي يولد الاحتكار و أعلم يا صديقي أن المعدة التي تأكل الكافيار هي تلك نفسها التي تأكل الفول نفس المساحة ونفس الشبع فلا تكدس ما لاتستطيع أن تصرفه في مصارف الخير ، و أورد الله عز وجل أنه من نطاق البر أن يقوم الانسان بالايفاء بالعهد فلا إقامة لدنيا وحياة إلا بالوفاء بالعهود والعهود كلمة والكلمة إما أن تدخلك النار وإما أن تدخلك الجنة فأرحص على الايفاء بالعهود في التجارة والاقتصاد فتولي مسئول مهمة وزارة اقتصادية من عهد منه بأنه سيكون أمين في عمله مخلص فيه وعهد ممن ولاه بأن يعطيه صلاحيات العمل كاملة وإمكانية الإصلاح وعهد من الرعية أن يعينوا وزيرهم على أداء عمله وعدم التهرب المالي وصون الامانة والمعاملات وعدم الاتجار في السوق الموازية وعدم إيجاد اقتصاد مواز لذلك لم يخص الله عزل وجل هنا الايفاء بالعهد فئة الحاكم أو العامل أو الرعية بل قال عز من قائل والموفون بعدهم إذا عاهدوا فلك الخيار قبل ان تنطق بالكلمة فإن نطقت كانت إلزاما عليك الوفاء بها ، فإن كنت ممن تحرى البر ما سبق فهناك مكافأتين الاولى أنك أصبحت من الصادقين مرتبة أرجوا من الله أن نصبوا إليها والصدق هنا ليس عدم الكذب في الافعال بل الصدق هنا هو كمال البر والصدق هنا أساس الدولة والمجتمع والانسان الناجح فلا حياة بدون صدق ولا آخرة بدون صدق ، أما المكافأة الثانية فهي أن تصبح من المتقين ” وأولئك هم المتقون ” إذ فأحد أهم طرق التقوى البر الذي يشمل الصدق والايفاء بالعهود واتيان المال والايمان والالتزام بما أنزل وورد على رسول الله صلى الله عليه وسلم والنبيين من قبله ولا تنسى أن الامر يقف ها هنا فالله يقول واتقوا الله وليعلمكم الله هنا تدرك فقط معنى أن الله هو المعلم الأول لك والذي قال علم الانسان ما لم يعلم

وللحديث بقية إن شاء الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى