الدكتور عبدالرحمن طه يكتب لـ “إيكو نيوز”.. القرآن والاقتصاد 3

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي الذي علم بالقلم النبي العربي الذي علم العرب والعجم وعلى آله بيته وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد : فالحديث عن بدء العمل او المشروع أو الفكرة او التأمل في تدبير الحياة المالية الشخصية للفرد يجب أن يبدأ كما بدأ نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكما ورد في أسباب النزول لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري في القول في آية التسمية وبيان نزولها عن ابن العباس رضي الله عنهما قال ” أول ما نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يا محمد ، استعذ ثم قل : بسم الله الرحمن الرحيم ) ” فالله تعالى عز وجل حينما أراد أن يتم البدء بأعظم عمل وأجله على وجه الأرض وهو نزول الرسالة على حبيبه ونبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أمر بالبدء بجملتين الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فهي تبعد الشيطان عن إلهامك بالاستثمار فيما حرم الله تعالى أو الاحتكار والغش وغيرها من الامور التي تهدم اقتصاد المجتمع والدولة ومن ثم العالم بأسره ، ثم أردف الاستعاذة به بالبسملة والبسملة تعني كما تعلمنا من علمائنا الافاضل أن كل شئ ملك لله عز وجل وما البسلمة إلا استئذان من الله في استعارة واستخدام كل ما هو مملوك لله تعالي فهو اقرار منا بملكية الله لكل شئ واستئذان من الله في استخدامه . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فهي تحوي أسم الله الأعظم ، وبصفه عامة فقد اختلف جمهور علماء المسلمين فكما ورد في تحفة الذاكرين ، ص 70 وما بعدها ، للإمام العلامة الفقيه المجتهد محمد بن علي الشوكاني المتوفي عام 1255 م ففي بعض ما قيل في تعيين اسم الله الأعظم ما أخرجه احمد وأبو داوود ، والترمئذي وابن ماجه من حديث أسماء بنت يزيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ، وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، وفاتحة آل عمران ، الله لا إله إلا هو الحي القيوم ، ” إذن فالبسملة هي أكثر جملة جمعت أحتمالية ورود اسم الله الأعظم ففهما الله ، الرحمن ، الرحيم فهي بسم الله الرحمن الرحيم وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم” اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب )

فيا عزيزي المستثمر الصغير ابدأ عملت باسم الله الاعظم ويالها من مباركة فابدأ بسم الله الرحمن الرحيم

وقد روي في الأثر عن أحد الصالحين أن قيل له هل تستطيع أن تجلب المال من الهواء إذ حركت يدك وقبضت عليها ، قال له لا بل إذا قلت بسم الله الرحيم الرحيم اعطنا الله المال والخير كله

والاستعاذة والبسملة ليست لبدء العمل الكبير وانما في كل مرحلة من مراحله وفي كل خطوة فاجعلوا الله حاضرا معكم دائما وابدا وقال النيسابوري في هذا الشأن ، ( عن ابن مسعود قال : كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتي تنزل بسم الله الرحمن الرحيم ) فهي لعظمتها تنزل من السماء في كل مرة تبدأ فيها سورة جديدة فهي خير بداية . فإذا كانت للفصل بين عملين جليلين فإن لها من الخير والبركة والمدد من الله ما لها وإلا ما كان الله ليذكرها مرات ومرات عديدة ليصل عددها 114 مرة، 113 مرة وردت في بداية كل سورة فيما عدا سورة التوبة ، وفي سورة النمل الاية 30.

والبسلمة تعطيك العلو والارتفاع والكفاءة في العلم والعمل وتجعل يدك العليا في ادارتك وبين منافسيك ممن لا يتقون الله هدانا الله جميعا وفي ذلك قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ” وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلا تَعْلُوا ” سورة النمل الاية 30 . فالبسلمة كما جاء في كتاب الله الكريم تفيد العلو في التجارة والحياة بأسرها والبسطة في الرزق وسيطرة في الإدارة

هذا عن بداية العمل فماذا عن نهايته ، فنهاية العمل اليومي او الفكرة او المشروع او المناقشة او المحاضرة او ترتيب الميزانية اليومية والشهرية للبيت بقول الله تعالى ” دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الاية العاشرة سورة يونس ، فقد ورد في تفسير الطبري جامع البيان عن تأويل آي القرآن لأبي جعفر محمد ببن جرير الطبري المتوفي في 310 هـ ، الجزء الثاني عشر، ص 123 ” (حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرت أن قوله دعواهم فيها سبحانك اللهم قال: إذا مرّ بهم الطيرُ يشتهونه ، قالوا: سبحانك اللهم وذلك دعواهم، فيأتيهم الملك بما اشتهوا، فيسلم عليهم فيردّون عليه، فذلك قوله وتحيتهم فيها سلام قال: فإذا أكلوا حمدوا الله ربّهم، فذلك قوله: وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) وعليه فإن قول الحمدلله رب العالمين هو قول اهل الجنه جعله الله لنا في الارض لنعمله ولنردد فيصبح لنا جنتين جنه في الارض وجنة في السماء فإذا اردت ان تعيش في الجنة نتاج عملك فقل الحمدلله رب العالمين فاجعل دائما وابدا قولك في بداية العمل كبر او صغر وفي كل فاصلة ونهاية وبداية يوم بسلم الله الرحمن الرحيم واجعل نهاية عملة بالحمد لله رب العالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى