السيارات الكهربائية.. إمكانيات واعدة وتحديات رئيسية | تقرير

التصنيع المحلي حلم قابل للتحقيق

السيارات الكهربائية.. إمكانيات واعدة وتحديات رئيسية

خبراء: مطلوب الدخول في مفاوضات مباشرة مع الشركات العالمية وشركات الصناعات المغذية

كتب محمود جمعة:

تشهد صناعة السيارات تحولًا كبيرًا نحو اعتماد التكنولوجيا الكهربائية، حيث تزايدت الاستثمارات والابتكارات في هذا القطاع بشكل ملحوظ على مستوى العالم. ويتزايد هذا الاتجاه في المبادرات الحكومية لتوفير الحوافز وتطوير البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، مما يساهم في تعزيز انتشار هذه المركبات الجديدة.

وفي مصر، على الرغم من وجود إمكانيات كبيرة تجعلها مؤهلة لتكون لاعبًا رئيسيًا في تصنيع السيارات الكهربائية، إلا أن الوضع الحالي يظهر بعض التحديات التي تتطلب جهودًا مكثفة لتطوير البنية التحتية، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لجذب الاستثمارات العالمية وتعزيز القدرة الإنتاجية المحلية.

مصر تواجه تحديات كبيرة ولكن هناك مؤشرات إيجابية

قال اللواء حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات، أن صناعة السيارات الكهربائية في مصر تواجه تحديات كبيرة ولكن هناك مؤشرات إيجابية تدل على بداية تحول جذري في هذا القطاع. وأكد أن التصنيع المحلي للسيارات الكهربائية في مصر قابل للتحقيق وأننا مؤهلون للحصول على ترخيص لتصنيع سيارات كهربائية عالمية من خلال شراكات عالمية.

وأضاف أن الوضع الحالي للسيارات الكهربائية في مصر يظل محدودًا، حيث أن الأعداد المتاحة قليلة جدًا. مشيرا إلى أنه منذ سنوات، اتخذت وزيرة الصناعة قرارًا بوقف استيراد السيارات الكهربائية المستعملة، وهو ما أثر سلبًا على نشر ثقافة السيارات الكهربائية وانتشارها في البلاد.

التحديات

وأوضح أن أحد أبرز التحديات هو عدم وجود وكلاء للسيارات الكهربائية في مصر، مما يؤثر سلبًا على ضمانات إصلاح البطاريات الكهربائية، التي تشكل نصف تكلفة السيارة. لا توجد حتى الآن وسائل إصلاح ذات مرجعية معتمدة فنيًا لهذا الجزء المهم من السيارة.

تصنيع السيارات الكهربائية محليًا

أشار مصطفى إلى أن هناك جهودًا ملموسة لتصنيع السيارات الكهربائية محليًا، وأبرزها الجهود التي تبذلها شركة النصر للسيارات، التي تسعى لإحياء نشاطها من خلال شراكة مع شركة صينية.

وأكد أن هناك مبادرات حكومية تهدف إلى دعم انتشار السيارات الكهربائية، مثل إلغاء الجمارك على السيارات الكهربائية والمعدات الخاصة بشحنها، وتخفيف الضرائب على الترخيص وهي 2% فقط، بالإضافة إلى الحافز الأخضر كما هو الحال في السيارات التي تعمل بالغاز.

البنية التحتية الأساسية

وأضاف أن البنية التحتية الأساسية، وخاصة محطات الشحن، ما زالت تحتاج إلى مزيد من الانتشار. ورغم زيادة عدد محطات الشحن مؤخرًا، فإن حجم السيارات الكهربائية القليل لا يشجع على الاستثمار الكبير في هذا القطاع.

شدد على أهمية نشر محطات الخدمة بعد البيع وتدريب العاملين على صيانة السيارات الكهربائية. ووجه رسالة إلى المشتري، مشيرًا إلى أن السيارات الكهربائية تقدم مزايا كبيرة من حيث التكلفة، حيث أن الشحن الكهربائي يقلل 50% من تكاليف التشغيل، وصيانة السيارة الكهربائية أقل تكلفة مقارنة بالسيارات التقليدية.

استثمارات تصنيع السيارات الكهربائية

أكد أن الدولة ترحب بأي استثمار جديد في مجال تصنيع السيارات الكهربائية، حيث يوفر قانون الاستثمار حوافز عديدة تشمل تخصيص الأراضي واسترداد جزء كبير من الاستثمارات في حال بدء الإنتاج خلال عامين من بدء المشروع.

مصر تمتلك الإمكانات لتصبح مركزًا مهمًا لتصنيع السيارات الكهربائية

أكد محمد شتا الخبير الدولي في مجال تكنولوجيا و تصنيع السيارات، أن مصر تمتلك الإمكانات لتصبح مركزًا مهمًا لتصنيع السيارات الكهربائية. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي يعكس تحديات كبيرة يجب التغلب عليها لجذب الشركات العالمية وتطوير صناعة السيارات الكهربائية في البلاد.

وقال شتا: “مصر فعلاً تمتلك المقومات لتصبح مركزًا رئيسيًا في تصنيع السيارات الكهربائية، لكن للأسف، الوضع الحالي يظهر أن العديد من الشركات العالمية لم تأخذ مصر في اعتبارها بعد. هناك عدة أسباب رئيسية لذلك.”

التحديات

وأوضح أن أحد أبرز التحديات هو نقص الشركات المتخصصة في تصنيع المكونات وقطع الغيار الأساسية. وأضاف: “قبل أن تقوم أي شركة سيارات عالمية بفتح مصنع للتصدير في أي بلد، يجب أن تتأكد من توفر شركات تصنيع المكونات في نفس البلد، لضمان تلبية الكم والجودة المطلوبة. للأسف، لم تكن الحكومات السابقة موجهة بما فيه الكفاية لجذب شركات الصناعات المغذية، وهذا يمثل مشكلة كبيرة اليوم. ومن هنا، سبقتنا دول مثل المغرب وجنوب أفريقيا في هذا المجال.”

ولفت إلى أن الشركات العالمية ترى حالة من التخبط والضبابية في القوانين والقرارات الحكومية، خاصة فيما يتعلق بالإفراج المسبق عن الشحنات ACID التابع لنافذة الجمارك المصرية و كذلك التخبط و الضبابية في وقف الإفراج عن سيارات ذوي الهمم و القدرات الخاصة.

وأضاف: “من غير المنطقي أن تكون مصر، بحجمها، قد قضت أربعة أشهر تقريبًا في تحديث نظام الإفراج المسبق عن الجمارك و إعادة هيكلة و ضبط نظام الإفراج عن سيارات ذوي الهمم و القدرات الخاصة،

و هذه الفترة الطويلة تضر بسمعة مصر لدى الشركات العالمية، التي تواجه صعوبة في إدخال السيارات إلى السوق، وهذا يعكس صورة سلبية عن الأوضاع في البلاد، بالإضافة إن وقف الإفراج عن السيارات الأوروبية يُعتبر خرق و عدم إلتزام ببنود إتفاقية التجارة الحرة بين مصر و أوروبا، و قد تؤدي إلي فرض عقوبات إقتصادية و مالية من الإتحاد الأوروبي على مصر.

فرص نجاح صناعة السيارات الكهربائية في مصر

وأضاف شتا أن فرص نجاح صناعة السيارات الكهربائية في مصر تعتمد بشكل كبير على التعاون بين الحكومة المصرية والشركات العالمية.

وأوضح: “لتصنيع السيارات الكهربائية بنجاح، ستحتاج الشركات إلى استثمار كبير يصل إلى مليار دولار على الأقل لإنتاج 200 إلى 300 ألف سيارة سنويًا. لجذب هذه الاستثمارات، يجب توفير التسهيلات اللازمة وتوفير شركات تصنيع المكونات في مصر. كما يجب أن يكون هناك خطة واضحة للتصدير، بحيث تكون نسبة التصدير لا تقل عن 50% من الإنتاج. بدون ذلك، سيكون من الصعب تحقيق النجاح في هذا المجال.”

وأكد شتا أن التحديات الرئيسية تتعلق بتضارب المصالح بين الوكلاء المحليين، والشركات العالمية، والدولة، والمستهلكين المصريين.

السيارات الكهربائية.. إمكانيات واعدة وتحديات رئيسية
السيارات الكهربائية.. إمكانيات واعدة وتحديات رئيسية

الوكيل المحلي

وقال: “الوكيل المحلي في مصر قد لا يكون لديه مصلحة في جذب استثمارات مباشرة من الشركات العالمية لأنه سيخسر هامش الربح الكبير الذي يحققه حاليًا. لذلك، هناك حاجة للتدخل الحكومي وتفاوض مباشر بدون وسطاء أو وكيل محلي مع الشركات العالمية لفهم احتياجاتها وضمان توافر شركات المكونات في مصر.”

وشدد على أن الرئيس عبد الفتاح السيسي مهتم جدًا بصناعة السيارات في مصر، وقد قابل العديد من الوفود من الشركات العالمية. لذا، الحل الوحيد هو تدخل الدولة بفعالية في مفاوضات مباشرة مع الشركات العالمية وشركات الصناعات المغذية بدون تدخل أو وساطة الوكلاء المحليين لهذة الشركات، لتجاوز التحديات الحالية وتحقيق أهداف توطين صناعة السيارات الكهربائية في مصر بشكل فعال و حقيقي و مستدام.

فتح إستيراد السيارات المستعملة

وأكد أنه يجب فتح إستيراد السيارات المستعملة حتي ٥ أو ١٠ سنين مستعملة في أسرع، لأن ذلك من شأنه تقليل الطلب على السيارات الزيرو المستوردة و بالتالي تقليل السحب و الطلب على العملة الأجنبية في مصر، و الأهم أن ذلك سيؤدي إلي زيادة حجم سوق السيارات المستعملة في مصر و الذي سيؤدي إلي جذب شركات المكونات و قطع الغيار العالمية اللتي نحتاجها في مصر بشدة حتى نستطيع جذب شركات السيارات العالمية لعمل استثمارات اجنية مباشرة بالعملة الأجنبية في مصر، و اللتي لن تأتي إلي مصر بدون وجود شركات المكونات و قطع الغيار و الصناعات المغذية العالمية في مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى