شحاته ذكريا: الاقتصاد المصري بين التحديات العالمية وفرص النمو
الاقتصاد المصري بين التحديات العالمية وفرص النمو .. كيف تواجه مصر المتغيرات الاقتصادية؟
في ظل التغيرات السريعة والمتلاحقة على الساحة العالمية ، يواجه الاقتصاد المصري تحديات غير مسبوقة ، ولكنه أيضا يقف أمام فرص ذهبية. بين اضطرابات سلاسل التوريد وتقلبات أسعار الطاقة ، وتداعيات التغير المناخي ، تتزايد ضغوط الأسواق العالمية على الاقتصادات الناشئة بما فيها مصر. ومع ذلك تسعى البلاد إلى تحويل هذه التحديات إلى فرص من خلال سياسات اقتصادية مرنة ، وتحالفات دولية ورؤية تنموية شاملة تركز على بناء اقتصاد قوي ومستدام.
أحد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري حاليا هو تأثير التضخم العالمي ، إذ أدت زيادة أسعار المواد الأساسية والنقل إلى ضغوط كبيرة على مستويات الأسعار محليا ، ما أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين وأثار قلق المستثمرين الأجانب. ويمثل الاعتماد على الواردات في بعض القطاعات تحديا إضافيا ، حيث يسعى البنك المركزي إلى الحد من هذه الضغوط عبر سياسات تهدف لتعزيز الاستقرار النقدي وزيادة الاحتياطات من العملات الأجنبية.
التحديات لا تتوقف هنا حيث يشكل التحول نحو الاقتصاد الأخضر ضغطا آخر ، خاصة في ظل التزام مصر بخفض انبعاثات الكربون والتحول للطاقة المتجددة. لكن هذا التحول قد يكون أيضا فرصة لتحقيق الريادة في مجال الطاقة النظيفة على مستوى الشرق الأوسط. فمع المشاريع الكبرى كمجمع بنبان للطاقة الشمسية ومشاريع طاقة الرياح في خليج السويس ، تتطلع مصر إلى أن تصبح مصدرا رئيسيا للطاقة المتجددة في المنطقة ، مما يعزز مكانتها كمركز جذب للاستثمارات الخضراء.
ومن جانب آخر يشكل موقع مصر الجغرافي فرصة استراتيجية، إذ تُعد نقطة وصل بين قارات العالم ، مما يمنحها مكانة فريدة في مجال اللوجستيات والنقل. وقد استثمرت مصر في تطوير بنيتها التحتية، خاصة في محور قناة السويس ، بهدف جذب الاستثمارات وتعزيز دورها كمركز تجاري عالمي. ومع إطلاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ، أصبحت البلاد أكثر قدرة على تقديم مزايا تنافسية للشركات العالمية التي تبحث عن سوق ملائمة للإنتاج والتوزيع.
أيضا يشكل تزايد الوعي بأهمية الاستثمار في التكنولوجيا والتحول الرقمي جانبا إيجابيا وفرصة لتحقيق قفزة نوعية في الاقتصاد المصري. فقد شجعت الحكومة الشركات الناشئة ، وأطلقت سياسات تدعم التحول الرقمي ، مما يفتح آفاقا جديدة لتوسيع الخدمات المالية الرقمية، وجذب الاستثمار في قطاع التكنولوجيا ، وتطوير المهارات الوطنية، وهو ما يعزز تنافسية الاقتصاد في ظل اقتصاد عالمي متسارع.
تدرك مصر أن مواجهة التحديات تتطلب شراكات دولية قوية وقد انعكس هذا الوعي في جهودها لتعزيز علاقاتها مع الدول الكبرى ومؤسسات التمويل الدولية. تأتي هذه التحالفات بهدف تأمين مصادر تمويل إضافية وتبادل الخبرات الفنية خاصة في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة، بما يساهم في تهيئة بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا وجاذبية.
في النهاية الاقتصاد المصري اليوم أمام فرصة حقيقية لتحقيق نهضة شاملة على الرغم من التحديات. فالتغيرات العالمية تفرض ضغوطا ، لكنها في الوقت ذاته تمنح فرصا، وتبقى قدرة مصر على استثمار هذه الفرص وتحويل التحديات إلى عوامل قوة هي مفتاح بناء اقتصاد متين ومستدام قادر على مواجهة المستقبل.