الدكتور عبدالرحمن طه يكتب: القرآن و الاقتصاد 6

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين وأمام الرسل أجمعين النبي الأمي الذي علم بالقلم النبي العربي الذي علم العرب والعجم من اؤتي علم الأولين و الأخيرين وعلى آله بيته الكرام وصحبه الاخيار وسلم تسليما كثيرا ، وما توفيقي إلا بالله، أما بعد

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،بسم الله الرحمن الرحيم

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ، صدق الله العظيم، الآية ١٦ من سورة البقرة وفيها تفسير الطبري الذي يقول و ( اشتروا ) من الشراء ، والشراء هنا مستعار والمعنى إنهم استحبوا الكفر على الإيمان كما في قول الله تعالى (فاستحبوا العمى على الهدى) ، سورة فصلت الآية ١٧ ، فعبر عنه بالشراء لأن الشراء إنما يكون فيما يحبه مشتريه فإما أن يكون معنى الشراء المعاوضة ، أو لا ، لأن المنافقين لم يكونوا مؤمنين فيبيعوا إيمانهم ، وقد قال ابن العباس أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. فالله تعالى عندما اوريها في لفظ الشراء إنما ذلك توسعا لأن الشراء والتجارة راجعان إلى الاستبدال ، الجامع لاحكام القرآنالجزء الاول ص ٣١٨، ٣١٩ ، و أرى أن إيراد لفظ الشراء ومن ثم التجارة ومعنى الاستبدال الله سبحانه وتعالى إنما ليوم وزمن كالنحن فيه الآن فلو أراد الله أن ينزل تلك الآية على علماء التجارة والاقتصاد لما كانت تلك الآية لتأتي بصورة أخرى فبعد أن وضع الله تعالى الهدى في قواعد وفقه المعاملات الاقتصادية والمالية فقد تركناها واشترينا بها الضلالة وهي الغلاء الفاحش وسوء المعاملة والغش التجاري والرجوع في البيعةعلى غير حق لتأتي في نفس السياق استحباب العمى على الهدى فكثيرا ما نسمع تلك الأيام ( احنا مش عارفين ايه اللي هيحصل محدش عارف حاجة محدش شايف بكرة فيه ايه ) وهي كلها عبارة تفيد غياب الرؤية والعمى عن حقيقة الأمر والله سبحانه وتعالى لذلك قال الله تعالى فما ربحت تجارتهم ولا أحد يقول ان تجار السيارات والسلع الغذائية عندها يقومون برفع الاسعار أكثر من ثلاث أضعاف يربحون ذلك أن هذا ربح زائف يأكله التضخم في كافة أنواع السلع والمصاريف غليت لذلك نسمع مقولة ( الدنيا غليت ، كل حاجة غليت ) لذلك فلا مناص من أن البعد عن هدى يؤدي إلى الهلاك والدمار في الاقتصادي

والغريب أن كلام الله واضح وصريح بأن البعد عن قواعد الاقتصاد الإلهية إنما فيها خسارة وهي سنة كونية لا استثناء فيها ورغم هذا تجد من يبرر جشعه وحشه التجاري ورفعه للأسعار .

إن شاءالله ، يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى