عمار زبادى يكتب : “بِركة الحاج” منزل الحجاج

عمار زبادى يكتب : “بِركة الحاج” منزل الحجاج

سلكها حجاج القاهرة والمقبلون من بلاد الأندلس فى طريقهم إلى بيت الله الحرام راكبين دوابهم يتجمعون بها فى إنتظار موكب كسوة الكعبة المشرفه الذى يتقدمهم فى المسير ويقيمون بضع أيام بين النخيل وبركة الماء التى تكونت من جراء فيضان النيل ويذهبون بين المروج وسواقى المياه العذبة وحرص ألامراء المشرفون على الحج فى ذلك على تزويدها بالخانات و الفنادق فما كان إلا أن اتخذت ( أرض جب عميرة ) بمنطقة المطرية بالقاهرة من أسم «بركة الحاج» مسمى جديداً التصق بها حتى يومنا هذا و طقوسٌ ودفٌ وطبول وآبار وسواق وخانات ومساجد كان أجدر أن تبقى أبد الآبدين مادياً أو حتى فى ذاكرة الأبناء والأحفاد لكن الحظ لم يحالفها فقد صمد معظم هذه الشواهد قروناً حتى ثلاثين عاماً مضت وبعضها كان موجوداً حتى وقت قليل ولأن أيدى العناية لم ترعها .

آثار دفنها الإهمال وذكريات حية فى العقول

بركة الحاج، تبحث عما تبقى من أثر لرحلة قدماء الحجيج وكسوة الكعبة وتفتش عن من لا يزالون يعرفون قيمة الأسم ومعناه، فخلا الأثر الأول سوى من قليل من نخيل كان سبباً فى أشتهار المنطقة تجارياً يوماً ما حتى تم عليها إطلاق كوبرى البلح وسوق البلح ويأتي إليها التجار من جميع محافظات مصر لأنها هى مصدر التصدير للبلح داخل مصر وخاصة الحيانى ولكنه يظهر فى خجل من خلف المنازل ومسجد هدم وبئر قد تهدم مسجدها وبنى آخر على الطراز الحديث بعد أن كان يحمل شكلاً تراثياً فلم يبق أثر للرحلة فى الذاكرة ل شباب بركة الحاج لكن فى ذاكرة واهية وللأسف لم يهتم الشيوخ والكبار بسرد الحكايات عن الأجداد والتاريخ ولكن تحيه للشباب الذين يسعون خلف تاريخ بركه الحاج والأحداث فى الماضى و كان هناك من بدأ يبحث عن تاريخ موطنه الذى كان يخزيه أسمه فجذبه البحث بين المخطوطات والرسائل وكتب كبار المؤرخين القدامى وبدأ البحث وتحمل تاريخاً ثرياً لمسقط رأسه، فى التاريخ الإسلامى ومن المؤرخين

على مبارك الذى ذكرها فى كتابه البركة بها جامع بمنارة وفى أرضها نخيل ويطلق عليها الناس، اليوم، «بركة الحاج»، حيث كان الحجاج ينزلون بها عند مسيرهم إلى الحجاز لأداء فريضة الحج ويمكثون بها سبعة أيام كما ينزلون بها عند عودتهم إلى بلادهم وقبل تسميتها بـ«بركة الحاج»، كانت المنطقة التى تقع فى الشمال الشرقى من ضاحية المطرية تُسمى «بركة الجب»، نسبة إلى عميرة بن جزىء من بنى القرناء باليمن

وفقاً لما جاء فى كتاب سيرة القطب الربانى إبراهيم المتبولى بحث فى تاريخه – تصوفه – أخلاقه، ونبذة عن بركة الحاج والذى ذكر أيضاً أنه فى عام الرمادة بالحجاز عندما بخلت السماء بالمطر وأجدبت الأرض أمر عمر بن الخطاب عمرو بن العاص والى مصر بحفر قناة تصل النيل بالبحر الأحمر لتحمل السفن المؤن والغلال من مصر إلى الحجاز فحفر عمرو بن العاص القناة من مصر القديمة مروراً بشارع الخليج بالقاهرة وصولاً إلى « بركة الحاج » ومنها اتجهت إلى مكان ترعة الإسماعيلية حتى الوصول إلى السويس و بها جامع بمنارة مبنى بالآجر وفى أرضها نخيل كثير أحمر الثمر وفى شرقها بنحو 200 متر جبانة فيها ساقية عذبة الماء، تسميها الأهالى ساقية

( نبى الله شعيب ) وكان يقال أن النبى شعيب حفرها لسقى غنمه وجميع أهل بركه الحاج يشربون منها وقيل أنها شفاء من اى مرض جلدى وكان يقال إنه فى الشمال الشرقى عمارة طولها 30 متراً وعرضها 10 أمتار يتوسطها حوض مربع الشكل عمقه أكثر من متر وعليه قبة وفى زاوية العمارة ساقية يملأ منها الحوض لسقى بهائم الحجاج وعرفت باسم عمارة داوود باشا هكذا كان وصف «بركة الحاج»، الذى جاء على لسان «على مبارك» فى كتابه

 «الخطط التوفيقية».

ورصدها “المقريزى”: أرض منخفضة من أيام المماليك تملأها مياه الفيضان

وفى «الخطط» لـ«المقريزى»، رصد الموقع الجغرافى لـ«بركة الحاج»، حيث كانت تقع فى الجهة البحرية من القاهرة، أى شمالها على مسافة 22 كم، وبلغت مساحتها 500 فدان، بين الحسينية والخندق «الدمرداش حالياً»، وكانت أيام المماليك عبارة عن أرض منخفضة تملؤها مياه الفيضان عن طريق الخليج الكبير وذلك وفقاً للدكتور محمد الششتاوى فى كتابه «متنزهات القاهرة فى العصرين المملوكى والعثمانى»، وبحكم موقع «البركة» الاستراتيجى بصفتها أول وآخر محطة لمستخدمى طريق الحج والتجارة للحجاز والشام، فقد تمتعت بأهمية كبيرة فى تاريخ مصر الإسلامية، بالإضافة لكونها متنزهاً كبيراً ومضماراً للرياضة والصيد للحكام طوال التاريخ الإسلامى

اختلفت تبعيتها الإدارية باختلاف العصر، فعُرفت فى سنة 1228 هـ باسم بركة الحاج، وفى سنة 1262 هـ باسم البركة، وفى عام 1280 هـ تم فصل كفرين من البركة، وهما (( كفر أبوصير ))

(( وكفر داوود باشا )) وتكَوْن منهما ناحية إدارية باسم كفور البركة ثم أُلغيت الوحدة الإدارية لهذه الكفور وأصبحت توابع للبركة كما كانت فى 1892 وذلك وفقاً «للقاموس الجغرافى للبلاد المصرية من عهد القدماء المصريين إلى سنة 1945»، الذى وضعه وحققه محمد رمزى

مسجد المتبولى الشيخ ابراهيم المتبولى الذى اتى من فلسطين و حفر البئر للوضوء للحجاج بمسجده وقام بزراعة النخيل لتعمير البركة ويكون طعام للزوار والحجاج المقبلين إلى «بركة الحج»، وزراعة النخيل كان كنوع من التعمير و به منافع أخرى غير أكل ثماره فقد كان الحجيج يستظلون به ويعقلون جمالهم فيه وعلى الرغم من أن المسجد تم هدمه واستبداله بمسجد على الطراز الحديث إلا أن البئر مازال موجود وتم توصيله على ماسورة الوضوء و يمكن لزوار المسجد الوضوء باستخدام أحد صنابير المياه التى يمكن أن تميزها عن غيرها بالمسجد

قبة مسجد المتبولى هدمت فى الثمانينات

وبئر نبى الله شعيب موجود ولكن تم ردمه وبنى على حده بيت فى شارع نبى الله شعيب ناصيه دار المناسبات

و فى كتاب «الأخلاق المتبولية» للدكتور منيع بن الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق قبة مسجد المتبولى وساقية المتبولى وبئر نبى الله شعيب هى ثلاثة أماكن تحمل الكثير من تاريخ بركة الحاج أن كل ذلك قد ذهب فى طى النسيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى