الدكتورة هدى المنشاوي تكتب| مستقبل ريادة الأعمال المصرية

الدكتورة هدى المنشاوي| «خمسة اقتصاد علي الماشي» 

لقد دقيت ناقوس الخطر في مواضيع كتير من قبل، وتدور الأيام وبعدها تعلمون قيمة ما تحدثت عنه ليكون محتوي الحديث بعدها هو حديث الساعة والكل يردده .

والآن من أهم المواضيع الاقتصادية التي أرغب في القا،  الضوء عليها معكم، هو مستقبل ريادة الأعمال المصرية .

لعلنا ننتبه وخاصة أن هناك دول منافسة تفعل الكثير لسحب البساط وخاصة مع رؤية “السعودية 2030”.

وخلال الشهور الماضية تابعنا وسمعنا الكثير عن الشركات التي أسسها رواد أعمال مصريين، وبدت كتجارب ونماذج اقتصادية واعدة.

ومن ثم أصبحت -مع الوقت- هدفًا للأشقاء في المملكة العربية السعودية، حيث الإهتمام البالغ بريادة الأعمال، واستقطاب الشباب أصحاب الأفكار الفريدة من نوعها.

ولاسيما التي تقدم ابتكارات فيما يخص الذكاء الأصطناعي واقتصاد المعرفة، والشمول المالي، وغيرها من المجالات الحديثة التي تعتمد على مستويات متقدمة من التعليم وإتقان استخدام التكنولوجيا.

 

وبطبيعة الشركات الناشئة وبيئة ريادة الأعمال فإن دول الخليج، لاسيما الإمارات والسعودية، كانتا هدفًا للجولات التمويلية للشركات الناشئة المصرية طوال الأعوام الماضية. فهي -بطبيعة الحال- دول ذات اقتصاد أكثر قوة، وتزخر بالعديد من الشركات الكبرى ورجال الأعمال أصحاب الملاءة المالية الكبيرة، والتي تعد هدفًا للحصول على تمويل للمشروعات الواعدة. وبالتالي، لم يكن بالأمر الغريب أن نشاهد الكثير من رواد الأعمال الشباب يولون وجوههم بشكل دائم إلى دبي والرياض.

 

الرحلات المستمرة من القاهرة إلى الرياض ودبي، نتج عنها الكثير من التمويلات التي تم ضخها في الشركات المصرية الناشئة. لكنها شهدت -أيضًا- خروجًا للشركات المصرية من مصر، وتحولها إلى عاصمة الأعمال في الخليج “دبي”.

 

وحاليًا، دخلت الرياض على نفس الخط في تقديم الحوافز والتمويلات الضخمة، وجذب الشركات من كل أنحاء العالم، لتحويل مقراتهم في الشرق الأوسط داخل المملكة. ومن ضمنها الكثير من الشركات الناشئة المصرية، التي أصبحت مقراتها الرئيسية في المملكة.

السعودية تطور بيئة الأعمال  بشكل مذهل

المملكة العربية السعودية تحديداً تطورت بيئة الأعمال فيها بشكل مذهل، الاقتصاد السعودي، والذي كان بشكل كبير تستحوذ على غالبيته العائلات الاقتصادية الكبيرة والعملاقة، أصبحت الشركات الصغيرة والمتوسطة تملك حصة هامة من الناتج المحلي الإجمالي داخل المملكة.

حيث ارتفعت مكانتها إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018، وفي عام 2022 استمرت في الصعود حتى أصبحت نسبتها 28%، أي أزيد بقليل عن ربع الاقتصاد السعودي بأكمله.

 

وهي ليست نتيجة تأتي من قبيل المصادفة، بل هي نتائج مخططة سعت لها السعودية، وأعلنت عن ذلك من خلال رؤية 2030، التي تحدثت عن مشاركة أوسع لرواد الأعمال الجدد، والجيل الجديد من المبتكرين والمبدعين. بالإضافة لإطلاق هيئات حكومية تهتم بريادة الأعمال، مثل الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” والتي أصبحت الداعم الأساسي في اكتشاف ورعاية واستقطاب الشركات الناشئة ورواد الأعمال.

 

في أحد بياناته الرسمية، أشار البنك الدولي إلى أن الاقتصاد السعودي غير النفطي سجل نموًا بنسبة 5.1% في عام ٢٠٢٢ ، نتيجة فتح الباب أمام استثمارات القطاع الخاص والمشاريع الناشئة، وفتح الباب أمام المبتكرين من رواد الأعمال لإنشاء مشاريعهم الخاصة. وفي ذات السياق، قامت المملكة بتعديل في قانون الاستثمار الأساسي، والذي يعامل الاستثمار المحلي والأجنبي معاملة متساوية، ويخضعهم لنفس متطلبات الموافقة على التراخيص والتسجيل والموافقات. وتمكين رواد الأعمال من إبرام العقود التجارية بدعم كامل من جميع السلطات المختصة، مع منح المستثمرين الأجانب حرية إدارة مشاريعهم الاقتصادية، بالإضافة إلى امتلاك أي عقارات ضرورية تضمن عمليات تجارية سلسة، وهو ما يشير لجدية السعودية في هذا التحول.

مناخ ريادة الأعمال المتقدم في السعودية

في ذات السياق، فإن التقرير الصادر عن المرصد العالمي لريادة الأعمال Global Entrepreneurship Monitor-GEM يعد أحد المؤشرات العملية الواضحة عن مناخ ريادة الأعمال المتقدم في المملكة السعودية والإمارات. حيث حققت الإمارات المركز الأول عالميًا، وحلت السعودية في المركز الرابع، بعد الإمارات وهولندا وفنلندا، وذلك فيما يخص تأسيس وبدء الأعمال التجارية والبيئة الأكثر دعماً لريادة الأعمال. وهي مؤشرات تفوقت فيها الدولتان على الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وسويسرا وكوريا الجنوبية وغيرها من الاقتصادات المتقدمة.

 

تمكنت السعودية تحديدًا من إحراز تحسن وتفوق كبير في الحصول على الخدمات المختلفة ضمن مؤشرات البنية التحتية المادية، مثل: (المساحات المكتبية، المواقع التجارية، الإنترنت، والخدمات العامة) ولذلك قفزت للمركز الثاني عالميًا في هذا المؤشر بعد ما كانت في المرتبة الـ 35 عالميًا، فضلًا عن تجاوز القيود التقليدية المتعلقة بتصاريح العمل والإقامة والتأشيرات، فأصبحت كل تلك القيود مرفوعة تمامًا أمام الشركات الناشئة والعمالة الماهرة. لذا، ليس من العجب أن تزاحم المملكة جارتها الإمارات في منح الحوافز وعوامل الجذب لتأسيس الأعمال التجارية، واستقطاب الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، في بلد تخطى مرحلة التمويل السخي، وتحول لمحطة انطلاق كبيرة لأي شركة ترغب في النجاح والانتشار حول العالم.

 

هذه الثورة الاقتصادية التي نتابعها جميعًا في دولة شقيقة وجارة لنا، تعكس في حد ذاتها تحديًا كبيرًا أمام الحكومة والدولة المصرية في الحصول على استثمارات جديدة واستقطاب الشركات الأجنبية في مقابل الفارق الضخم بين الحوافز لدينا أو لدى الأشقاء في المملكة، فضلًا عن فارق القوة الشرائية للسوق السعودي والذي يتفوق فيه عن السوق المصري نتيجة معدلات ومستويات الدخول والثروة في البلدين، لذا فالجهد المطلوب من الحكومة المصرية مضاعف نتيجة تلك المنافسة ونتيجة احتياجنا الأكبر لجذب الاستثمارات والقيام بالتنمية الاقتصادية التي نحتاجها في مجتمعنا.

 

ما أخشاه حقًا هو ليست المنافسة على الأموال أو الاستثمارات الأجنبية الحالية، بل المنافسة على المستقبل، أو بشكل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى