النفط يتراجع 4.8 % _ إيكو نيوز

عادت المخاوف من ركود اقتصادي إلى الواجهة عقب انهيار مصرف سيليكون فالي الأمريكي لتلقي بظلال قوية على السوق النفطية، بينما يقاوم هذه الموجة الهبوطية توقعات “أوبك” القوية بشأن الطلب الصيني.

وهوت أسعار النفط بنسبة 4.85 في المائة أمس، إذ تسبب قلق يتعلق بوضع بنك كريدي سويس المالي في مخاوف في الأسواق العالمية، وفاق أثر آمال تعافي الطلب الصيني على النفط.

وتتسم السوق النفطية في الوقت الراهن بوفرة أرصدة معروض النفط مقابل تزايد القلق بشأن مسار الاقتصاد الأمريكي، ما أدى إلى تخوف المستثمرين ودعم ذلك بيانات “أوبك” في تقريرها الشهري، التي توقعت فائضا متواضعا بالمعروض في الربع المقبل خلال فترة ركود موسمي في الطلب.

ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون إن أزمة انهيار البنك الأمريكي ومخاوف وقوع أزمة مالية عالمية جديدة أدت إلى اختبار أسعار النفط الخام هبوطها إلى أدنى مستوياتها، التي لم تشهدها منذ ديسمبر 2021.

وذكروا أنه لا أحد يعرف على وجه اليقين حجم التعثر المالي المتوقع في الاقتصاد الأمريكي بعد انهيار البنك، كما من المتوقع أن ترتفع المخزونات هذا الأسبوع وهو ما يفاقم الضغوط الهبوطية على أسعار النفط الخام.

وعد المختصون أن الهند تستفيد من تحالفها طويل الأمد مع روسيا لزيادة النفوذ الاقتصادي موضحين أنه على الرغم من الاضطرابات السياسية الأخيرة تعزز الهند العلاقات التجارية مع روسيا للوصول إلى موارد نفطية فعالة من حيث التكلفة.

وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف، مدير شركة “إنرجي شتايرمارك” النمساوية للطاقة إن سوق النفط الخام تجتاز منذ بداية العام الجاري حالة من التقلبات والعقبات المستمرة، حيث تسيطر حاليا المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي العالمي وعلى النقيض يقابل ذلك حالة من التفاؤل الحذر بشأن انتعاش الطلب على النفط في الصين بعد انهاء كل قيود الإغلاق السابقة.

ولفت إلى تسارع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في الشهر الماضي، ما يثير كثيرا من التكهنات حول خطوة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المقبلة، وهل سيشعر بالضغط لرفع أسعار الفائدة في اجتماعه الأسبوع المقبل؟ وذلك على الرغم من الاضطرابات المالية المستمرة في النظام المصرفي.

ويرى، سلطان كورالي، المحلل الألباني ومختص شؤون المصارف والطاقة أن توقعات ارتفاع المخزونات الأمريكية تحد من مكاسب النفط الخام، ولكن في المقابل تلقى النفط دعما من بيانات وكالة الطاقة الدولية حول انتعاش الطلب بسبب تعافي النشاط الاقتصادي في الصين ومن رواج حركة السفر مجددا.

وسلط الضوء على التقرير الشهري الصادر عن منظمة أوبك، الذي أبقى توقعات الطلب العالمي على النفط لعام 2023 ثابتة، كما رصد انخفاض الطلب على نفط “أوبك” بمقدار 160 ألف برميل يوميا، لافتا إلى أن الطلب خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سجل أعلى من مستويات ما قبل الجائحة، ولا سيما أن وضع السوق النفطية إجمالا جيد بالرغم من التحديات الراهنة، وهناك آفاق إيجابية خلال العام الجاري.

ويقول جوران جيراس، مساعد مدير بنك “زد إيه إف” في كرواتيا إنه على الرغم من عدم وضوح مدى تأثير العقوبات الغربية على إمدادات النفط الخام الروسية خاصة حظر الإمدادات البحرية وفرض سقف سعري من دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، إلا أن إنتاج النفط الروسي أثبت قدرة على مقاومة العقوبات، وقد ترتب على ذلك تخفيض “أوبك” تقديرها لكمية النفط الخام، التي ستحتاج إلى ضخها لتحقيق التوازن في السوق على الرغم من زيادة توقعاتها للطلب الصيني.

ونوه إلى أن صورة سوق النفط الخام ليست قاتمة، وهناك عديد من النقاط المضيئة، حيث ارتفع إنتاج المصافي الصينية في يناير وفبراير الماضيين، مقارنة بالعام السابق ومقارنة بديسمبر 2022، وتلك الزيادة تأتي مدفوعة بانتعاش الطلب الصيني، ولا سيما الطلب على البنزين ووقود الطائرات مع انتعاش السفر، مشيرا إلى أن أغلب الدوائر التحليلية تتوقع أن يرتفع الطلب الصيني على النفط بما يراوح بين 500 ألف برميل يوميا ومليون برميل يوميا هذا العام.

وتتفق ليندا تسيلينا، مديرة المركز المالي العالمي المستدام مع أن عديدا من التقارير الدولية ترى أن الانهيار المفاجئ لبنك سيلكون فالي الأمريكي هو أكبر فشل مصرفي منذ أزمة 2008 وهو ما جعل كثيرا من الدوائر المالية والأسواق تتخوف من تكرار الأزمة المالية العالمية، مشيرة إلى خسارة كل من الخامين القياسيين خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت أكثر من خمسة دولارات منذ الجمعة الماضي.

وأكدت أن أحدث تقارير وكالة الطاقة الدولية كشفت عن عناصر قوة وإيجابية في السوق النفطية، حيث تتوقع الوكالة أن تتأرجح أسواق النفط من فائض في النصف الأول من 2023 إلى عجز في النصف الأخير من العام نفسه، كما تتوقع الوكالة أن يدفع انتعاش الصين الطلب العالمي على النفط إلى مستويات قياسية مع وصول الطلب على النفط إلى 102 مليون برميل يوميا، لافتة إلى استمرار نمو المخزونات النفطية حاليا، بينما لا يزال هناك فائض كبير في العرض، ما سيخفف التوترات عندما يرتفع الطلب. ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار برنت 4.85 في المائة بما يعادل 3.76 دولار لتبلغ عند التسوية 73.69 دولار للبرميل، لتواصل نزيف الخسائر للجلسة الثالثة على التوالي، مع استمرار المخاوف من ركود اقتصادي عقب انهيار مصرف سيليكون فالي الأمريكي.

وكانت الأسواق قد تلقت بعض الدعم في بداية التعاملات من توقعات “أوبك” القوية بشأن الطلب الصيني، وهو ما عوض معنويات المستثمرين العالميين الهابطة في أعقاب إخفاقات المصارف الأمريكية الأخيرة.

كما صعد الدولار مقابل سلة من العملات، ما جعل شراء النفط المقوم بالدولار أكثر تكلفة على حائزي العملات الأخرى.

وأظهرت بيانات حكومية ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية 1.6 مليون برميل في الأسبوع الماضي، وهو ما يفوق توقعات لمحللين في استطلاع لـ”رويترز” بارتفاع قدره 1.2 مليون برميل.

وقدم التقرير الشهري لوكالة الطاقة الدولية دعما من خلال التوقع بزيادة الطلب الصيني على النفط، بعد يوم من رفع “أوبك” لتوقعاتها المتعلقة بنمو الطلب الصيني لـ 2023.

من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 78.92 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 81.88 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول انخفاض حاد عقب ارتفاع سابق، وأن السلة خسرت نحو ستة دولارات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 84.37 دولار للبرميل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى