تراجع في الإنتاج والتصدير.. أزمات تواجه صناعة الحديد في مصر
ارتفع 37% في أول تسعة أشهر من العام الجاري
قال رئيس شركة المراكبي للصلب المصرية، حسن المراكبي، إن مبيعات حديد التسليح تراجعت لدى شركته بنحو 25% تقريبًا خلال العام الجاري.
أوضح المراكبي، أن صناعة الصلب ترتبط بالوضع الاقتصادي ومعدلات التضخم بصورة مباشرة، على المستويين المحلي والعالمي، ولا يمكن للشركات وضع تصورات محددة للفترة المقبلة في ظل استمرار أزمة تدبير العملة الصعبة، والتي إذا تم حلها ستعود المصانع إلى الإنتاج مرة أخرى بصورة طبيعية.
أشار المراكبي، إلى أن صناعة الصلب في مصر تعتمد على مابين 60 و 80% مدخلات أجنبية بحسب المراحل التصنيعة في كل مصنع، لكن يتم البيع في الأسواق المحلية بالجنيه، لذا فالمصانع بحاجة إلى الدولار لتدبير احتياجات الخام المستورد، وبالتالي لا تجد أمامها سوى التوسع في التصدير، بعد صعوبة تدبير الدولار من البنوك.
وتابع لـ” العربية Business” ” صناعة الصلب خلقت لتعمل على مدار اليوم دون توقف، إلا في فترات الصيانة السنوية، وظهر تأثير الأزمة على المصانع من خلال توقف بعضها لأسابيع ثم العمل مرة أخرى، ومصانع أوقفت خطوط إنتاج وأبقت على عمل أخرى، ومصانع ثالثة قلصت حجم الإنتاج اليومي بجميع الخطوط دون وقف أيًا منها، وهو ما يؤثر على التكاليف بشكل كبير”.
القيود على الصادرات
وقال المراكبي إن الصادرات نفسها أصبحت تواجه قيودًا في الشهور الأخيرة من قبل حكومات الدول المستوردة على خلفية زيادة الكميات المشحونة من مصر،خاصة في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، والتي أصبحت تعمل من خلال “كوته” أو حصة للواردات، كما تدرس “انجلترا” تحديد حصة من واردتها من الحديد المصري ، في حين تدرس “تركيا” فرض قيود على وارداتها من الحديد المصري.
أضاف: نسبة بين 80 و90% من أزمة المصانع حاليًا سببها الظروف الاقتصادية الراهنة، والنسبة المتبقية تسبب فيها التوترات السياسية في المنطقة المحيطة بها، سواء في “السودان” أو “ليبيا”، أو “غزة” في الأسابيع الأخيرة، والتي أثرت على معدلات التصدير أيضًا”.
وقال: “ما نتمناه أن لا يسوء الوضع في العام المقبل عن المستويات الحاليةـ خاصة وأن التوقعات تُشير إلى أن صادرات الصلب المصري ستقل خلال العام المقبل مقارنة بصادرات العام الجاري، في ضوء المعطيات الجديدة للتصدير”.
تذليل العقبات
قال المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، محمد حنفي، إن مصر حديثة العهد بأسواق تصدير الحديد، حيث دخلت الأسواق العالمية قبل نحو عام ونصف العام تقريبًا، تحديدًا بعد تفشي أزمة كورونا مطلع العام قبل الماضي.
قدر حنفي، إجمالي صادرات حديد التسليح خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري بنحو 952 ألف طن، وقال إن الصناعة أصبحت بحاجة لتذليل العقبات التي تواجهها في الأونة الأخيرة للقدرة على الاستمرار في الأسواق التصديرية وتحقيق قدر أكبر من التنافسية أمام منتجات الدول الأخرى في الأسواق المستهدفة”.
وأوضحت بيانات غرفة الصناعات المعدنية باتحات الصناعات المصرية أن إنتاج حديد التسليح في مصر، تراجع بنسبة 5% في أول عشرة أشهر من العام الجاري بعد أن سجلت 6.65 مليون طن مُقابل 7.07 مليون طن في الفترة المناظرة من العام الماضي.
كما انخفضت المبيعات بأكثر من 16% في أول 10 أشهر من العام الجاري إذ سجلت 5.5 مليون طن مقابل 6.58 مليون طن في فترة المقارنة من عام 2022.
السيولة الدولارية
وقال نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة الجارحي للصلب، أشرف الجارحي، لـ “العربية Business”، إن نقص خامات التصنيع المستوردة من “البليت” و”مكورات الحديد” هي السبب الرئيس في انخفاض الإنتاج، والذي يعود إلى شُح السيولة الدولارية اللازمة للإفراجات الجمركية عن الخامات المستوردة.
أوضح الجارحي، أن أزمة نقص المواد الخام تشتد أكثر لدى المصانع الاستثمارية، نظرًا لاعتمادها على تصنيع الحديد من المرحلة الإنتاجية الأخيرة، وهي “البليت”، في حين تخف وطأة الأزمة بشكل طفيف لدى مصانع الدورة المتكاملة ونصف المتكاملة.
أضاف: “المصانع المتكاملة تستورد خامات مكورات الحديد والخردة التي تحتاج لمقابل مابل أقل مقارنة بخامات البليت التي يتم درفلتها مباشرة لإنتاج حديد التسليح لدى المصانع الاستثمارية، لذا يمكن للشركات المتكاملة تدبير الدولار اللازم لاستيراد الخامات بعكس المصانع الاستثمارية التي تحتاج لقيم أكبر مقابل وارداتها”.
وتحتاج صناعة حديد التسليح المصرية لاستيراد خامات أولية لصهر البليت بقدرات تصل إلى 4.5 مليون طن سنويً، بالإضافة إلى استيراد 3.5 مليون طن أعواد بيليت جاهزة للدرفلة، بإجمالي قدرات تشغيل تتجاوز 12 مليون طن سنويًا، بحسب بيانات غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات.
وذكر الجارحي، أن شركات الدورة المتكاملة خلال الأشهر الماضية توجهت نحو تصدير أكبر قدر ممكن من منتجاتها لتحصيل عائدات دولارية تمكنها من تدبير السيولة الدولارية اللازمة لاستيراد الخامات الجديدة من المكورات والخردة.
كبار المستوردين
ووفقا لبيانات المجلس التصديري لمواد البناء، اطلعت عليها “العربية Business”، ارتفعت صادرات مصر من الحديد والصلب بنحو 37% في أول 9 أشهر من العام الحالي ( يناير – سبتمبر 2023 )، لتحقق 1.7 مليار دولار مقارنة بـ 1 مليار دولار في نفس الفترة للعام الماضي.
واحتلت إسبانيا صدارة الدول المستوردة للحديد المصري بقيمة 312 مليون دولار وبزيادة 145% مقارنة بنحو 228 مليون دولار في أول تسعة أشهر من العام الماضي.
وجاءت تركيا بقيمة 251 مليون دولار بزيادة 3544% عن الفترة المماثلة من العام الماضي التي بلغت خلالها 12 مليون دولار فقط.
وفي المركز الثالث إيطاليا بقيمة 230 مليون دولار بزيادة 150% مقارنة بنحو 165 مليون دولار خلال الفترة المناظرة من 2022.
وقال مصدر في إحدى شركات حديد التسليح المتكاملة، لـ” العربية Business ” إن الشركات لا يمكنها الاعتماد على تدبير الدولار من خارج مصادره الرسمية ، لأن ذلك يرفع من تكلفة التمويل، بالإضافة إلى أن البنوك أصبحت تطلب تغطية 115% من قيمة الاعتماد المستندي للبضاعة المستوردة”.