دكتور أحمد عفيفى : رأس الحكمة بين مخاوف وطموحات المصريين
دكتور أحمد عفيفى : رأس الحكمة بين مخاوف وطموحات المصريين
تعد الصفقة الاستثمارية ( رأس الحكمة) – أكبر صفقة للاستثمار الأجنبي المباشر في تاريخ مصر، وقد تناول المجتمع المصرى الموضوع فى وسائل التواصل الاجتماعى وصولا للمقاهي والملتقيات و الجامعات حتى البيوت ، لتبادل الآراء فى الصفقة التي تتواكب مع أزمة اقتصادية طاحنة في مصر فالدولار الأمريكي في السوق الموازية وصل إلى أكثر من 70 جنية مصري كما ارتفعت معدلات التضخم بشكل كبير .
كما ارتفعت أسعار اغلب السلع الأساسية والاستراتيجية والتي يعتمد عليها كافة أطياف المجتمع من غذاء يتمثل في (الزيت – الدقيق – المكرونة وسلع غذائية اخرى بالإضافة إلى الاعلاف وحديد التسليح والخامات ومستلزمات الإنتاج.
إضافة إلى إحجام الاستثمار الأجنبي المباشر وتراجع دخل قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين بالخارج ، كما بدأت بعض سلع في الاختفاء من السوق المصرى مثل السكر بالإضافة إلى شلل نسبى في حركة البيع والشراء قبيل شهر رمضان ، قبل أن يظهر شراكة (رأس الحكمة) باستثماراتها …
ماهى التفاصيل الرسمية ؟
أكدت الحكومة خلال مؤتمر الصحفى من خلال السيد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي كما أعلنت شركة أبو ظبي القابضة (ADQ) على موقعها أنه سيتم إنشاء شركة مساهمة مصرية باسم شركة رأس الحكمة ، لتقوم الشركة المصرية بتنفيذ المشروع بقيمة استثمار بنحو 35 مليار دولار لتطوير رأس الحكمة ، لتصبح وجهة سياحية ومنطقة حرة وأخرى استثمارية ومساحات سكنية وتجارية وترفيهية ، وقد أشار مدبولي إن الحكومه ستخصص نحو 170 مليون متر ما يوازي أكثر من 40 ألف فدان للمشروع، متوقعا أن يتم ضخ استثمارات تصل إلى 150 مليار دولار على مدار عمر المشروع.
كما أكد أنه في خلال أسبوع سيكون هناك مقدم نقدي للصفقة 10 مليارات دولار، وأن دولة الإمارات تنازلت عن وديعتها لدي البنك المركزي المصري والتي تبلغ 11 مليار دولار لصالح الصفقة، بحيث يتم تحويل 5 مليارات دولار منها للجنيه المصري مع تسليم الدفعة الأولى لشركة أبو ظبي القابضة.
بينما الدفعة الثانية ستكون خلال شهرين وسيدخل منها 14 مليار دولار نقدا إلى مصر بالإضافة إلى الجزء المتبقي من الوديعة الإماراتية 6 مليارات دولار يتم تحويلهم جميعا إلى صالح الشركة المنفذة للمشروع.
دور شركة أبو ظبي القابضة (ADQ) – في مصر
أن شركة أبو ظبي القابضة (ADQ) لها دور بارز في الاستثمار المباشر في مصر حيث استحوذت هي وشركة (أدنيك) على حصة 40.5 في المئة في مجموعة (آيكون)، ذراع قطاع الضيافة التابع لمجموعة “طلعت مصطفى القابضة” (TMG) من خلال زيادة رأس المال وتمتلك “آيكون” مجموعة من الفنادق التاريخية في مصر، بحسب موقع الشركة.
كما قامت (ADQ) في أبريل 2022 بالاستحواذ على حصص في البنك التجاري الدولي (CIB) أحد أكبر البنوك الخاصة المصرية، وشركة المدفوعات الإلكترونية(فوري)، وشركة (الاسكندرية لتداول الحاويات والبضائع)
رأس الحكمة …. بين مخاوف وطموحات المصريين
أن المشكلات والتحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد المصري مثل عجز الموازنة وعجز الميزان التجارى وعدم استقرار سعر الصرف وتفاقم المديونية وغيرها من المعضلات الاقتصادية- تبقى قائمة طالما لم تتوسع الدولة في الاستثمار والإنتاج الذي يمكن تصدير فوائضه، الأمر الذي يضمن دخل مستقر من النقد الأجنبي لاستقرار السوق المصري
و بالنظر إلى رأس الحكمة كأستثمار اجنبى مباشر فهو أمر غير معتاد أو مألوف على المجتمع المصرى وذلك على الرغم من أن الاستثمار الأجنبي في شكل مشروعات عملاقة أصبح من العوامل المألوفة في العالم الخارجي وعلى سبيل المثال منطقة جبل على بالإمارات العربية و الاستثمارات الأجنبية بجزر المالديف وغيرها من المناطق المنتشرة في العالم مثل الاستثمار الاجنبى في سنغافورة وماليزيا …
– ويجب على الجهات المعنية بالدولة توعية المجتمع بأهمية الاستثمار الأجنبي و توضيح وترسيخ الثقة بين أطياف المجتمع وتوضيح أثر المشروعات التنموية الهامة على غرار صفقة رأس الحكمة في ظل فجوة الموارد الأجنبية الراهنة وضرورة تهيئة المناخ الاستثمارى وبيئة الاعمال المناسبة .
كما يجب استفادة الحكومة من الفرصة الحالية وتعظيم الاستفادة من الشراكة المصرية الإماراتية في رأس الحكمة بعد الدراسة الكاملة للصفقة وتوضيح البنود – تجنبا لأى ترويج خاطئ -عن المشروع – خاصة مع انخفاض إيرادات قناة السويس وانخفاض إيرادات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج بالإضافة الى المشاكل الجيوسياسية بالمنطقة خاصة في غزة.
كما تتعلق مخاوف البعض من الشراكة في رأس الحكمة بالأرض أو مزاعم البيع للمدينة كاملة، كما يقول المنتقدين، والإشارة بأن الاستثمارات الأخيرة من الإمارات العربية تثير القلق على الاستقلال الاقتصادي، من قبيل عدم وضع البيض في سلة واحدة بحسب المنتقدين.
ولكن كون الشركة التي ستنفذ المشروع هي شركة مساهمة في الأصل مصرية، وتحتفظ الحكومة فيها بنسبة 35 % من الأرباح وهي أرض على الخريطة المصرية ( موجودة داخل حدود مصر )، وأن من ستقوم بعمل المشروع بالكامل سواء كانت شركات المقاولات والموردين والعمالة، وهي “مصرية خالصة.، فلا داعي للقلق- بل على النقيض فالأولى بالقلق الشركاء !!
نتائج مبشرة
بالاشارة إلى الاستثمار الأجنبي المباشر فأن الأدبيات والخبراء الاقتصاديين يجمعون على أهميته خاصة في الدول النامية فمن المتوقع أن مشروعا مثل رأس الحكمة سوف يزيد من إيرادات الدولة من النقد الأجنبي وزيادة اعداد السائحين و خلق فرص عمل هائلة وتشغيل المصانع واستغلال الموارد البشرية والطبيعية حيث ان مصر لديها موارد طبيعية هائلة – ويستغل المصريين مساحة على اقصى تقدير لا تتخطى 15% من مساحة مصر .
كما أن صفقة رأس الحكمة سوف تزيد من الاحتياطي الأجنبي بالبلاد ، كما تساهم في استيراد مستلزمات الإنتاج الضرورية والسلع الاستراتيجية للمجتمع ، الافراج عن البضائع التي في الجمارك مما يسهم في توفير السلع المطلوبة في الشارع المصرى ، وهو ما يؤثر على الأسعار بالانخفاض وقد ظهر ذلك بشكل مباشر في أسواق الذهب الذى انخفضت أسعاره بنسبة تصل 25 في المئة والمساهمة في علاج الاضطرابات التي يعاني منها سوق الصرف الذي يؤثر على سوق المأكل والمشرب والعقار ات والسيارات، كل هذا سيبدأ نسيبا مع توفير النقد الأجنبي واستقرار سوق الصرف إلى حد ما.