شحاته ذكريا| الإصلاح التشريعي والعدالة الاجتماعية وحقوق المواطن

شحاته ذكريا| الإصلاح التشريعي: ضرورة لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوق المواطن

في عالمنا اليوم تُعتبر العدالة الاجتماعية أساسا لاستقرار المجتمعات وتطورها، ومع تعقيدات المشهد القانوني الذي يشمل مختلف الأطراف من سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية ، تصبح الحاجة ملحة إلى إجراء إصلاحات تشريعية تُوازن بين حماية الحقوق وتحقيق العدالة.

هنا يأتي دور الإصلاحات التي طرحتها الدولة المصرية والتي تُناقش حاليا على طاولة البرلمان ، لتكون جزءا لا يتجزأ من عملية بناء مجتمع قائم على العدالة ، تتساوى فيه حقوق المواطن مع حقوق الدولة.

إن الحديث عن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية ليس مجرد نقاش تقني أو قانوني بل هو نقاش يمس حياة كل مواطن بشكل مباشر. فالمسألة لا تتعلق فقط بإعادة صياغة النصوص أو تحديث القوانين التي وُضعت في حقبة سابقة، بل تتعلق بجوهر العدالة التي يجب أن تعاش في واقع المجتمع. هذه التعديلات هي محاولة لرسم معالم جديدة لدولة مدنية تقوم على حقوق الإنسان وتُرسخ المبادئ الدستورية في شتى المجالات، بدءا من ضمان حق كل فرد في محاكمة عادلة إلى حمايته من التعسف في استخدام سلطات الحبس الاحتياطي.

ولعل أبرز ما يميز الإصلاحات المقترحة هو سعيها لتجاوز فكرة العقوبة كهدف بحد ذاته ، وتحويلها إلى أداة من أدوات تحقيق العدالة. فالحبس الاحتياطي الذي كان في بعض الأحيان يُستخدم بشكل يخل بالضمانات القانونية، يتحول الآن إلى ضمانة من أجل تحقيق العدالة النزيهة، بدلا من أن يكون وسيلة للضغط على الأفراد .. هذه النقطة تحديدا هي ما تجعلنا ننظر إلى مسألة الإصلاح التشريعي كقضية إنسانية واجتماعية بامتياز.

ولا يمكن في هذا السياق إغفال دور القيادة السياسية في دعم مسار الحوار الوطني وتفعيل توصياته. فالاستجابة الفورية للرئيس عبدالفتاح السيسي لاقتراحات الحوار الوطني، وإحالتها إلى الحكومة ومجلس النواب، تعكس توجها واضحا نحو إشراك المجتمع بكافة أطيافه في صناعة القرار ، ما يمنح هذه التعديلات مصداقية تستند إلى رغبة حقيقية في إرساء أسس مجتمع متوازن.

ومن زاوية أخرى ، يمكننا القول إن الإصلاح التشريعي يعد حلقة من سلسلة تتكامل فيها أدوار جميع الأطراف في المجتمع. فالنقابات المهنية، والمؤسسات القضائية، والأجهزة التنفيذية، وحتى المواطنين أنفسهم، جميعهم معنيون بهذه الإصلاحات. النقابات تدافع عن حقوق أعضائها، والقضاء يسعى إلى تطبيق العدالة بحيادية، فيما يحرص المواطنون على حماية حقوقهم في ظل منظومة قانونية عادلة.

وهنا تكمن أهمية الرؤية المتكاملة التي ينتهجها الحوار الوطني. فالهدف ليس فقط تعديل قانون أو إضافة نصوص جديدة ، بل صياغة مجتمع يعيش فيه الجميع تحت مظلة القانون ، بما يضمن أن تكون الحقوق والواجبات محمية ومصونة ، وأن يكون كل فرد ، سواء كان في السلطة التنفيذية أو القضائية أو ضمن عامة الشعب ، متساويًا أمام القانون.

وفي هذا الصدد ، لا بد أن نُحيي أصحاب الأقلام الشجاعة الذين يثيرون هذه القضايا بموضوعية وعمق، وعلى رأسهم الأستاذ أكرم القصاص ، الذي طرح في مقاله رؤى مُلهِمة تدفعنا جميعا للتفكير الجدي في أهمية الحوار واحترام التنوع من أجل الوصول إلى مجتمع أكثر عدلا وتوازنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى