الدكتور عبدالرحمن طه يكتب: القرآن و الاقتصاد  10

الدكتور عبدالرحمن طه يكتب: القرآن و الاقتصاد  10

 

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين وأمام الرسل أجمعين النبي الأمي الذي علم بالقلم النبي العربي الذي علم العرب والعجم من اؤتي علم الأولين و الأخيرين وعلى آله بيته الكرام وصحبه الاخيار وسلم تسليما كثيرا ، وما توفيقي إلا بالله، أما بعد

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،بسم الله الرحمن الرحيم

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ الاية (165) سورة البقرة

ولعل تلك الآية تنطبق على واقعنا المعاصر عفانا الله من الشرك به ، والشرك بالله عز وجل في صورته المعروفة أن لا تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله او كإشراك الرياء في الأفعال التي نرغب به رضا الله سبحانه وتعالى، إنما يتخذ الشرك بالله في عصرنا المعاصر في الكثير منوالصور الحديثة ومنها حب المال والمقصود هنا هو حب المال الذي نبتغيه من عرق وقوت البشر من رفع للأسعار وفساد للسلعة وتحفيز التضخم واهلاك الناس بالمحاضرات و الاوبئة وإهلاك نعم الله من أموال وموارد طبيعية لتدمير الشعوب ودعم الارهاب وتسليط الميليشيات على دول وقتل مئات الآلاف وتهجيرهم من أجل القضاء شخص أو نظام واحد وكل ذلكوحبا في المال او السلطة والنفوذ الأمر الذي معه لا يحاسب الإنسان فقط على إهدار حقوق الله وحدوده وإنما يتعدى الأمر لعشق الأفعال الخبيثة ليصل الأمر ليكون ذلك محببا إليه أكثر من حب الله عز وجل في قلبه

وذكر بن كثير في تفسير انه ورد في الصحيحين فعن بن مسعود رضي الله عنه قال : قلت يارسول الله أي الذنب أعظم؟ قال صلى الله عليه وسلم أن تجعل لله ندا وهو خلقك صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

فالله عز وجل أورد في بداية الآية أن من الناس من يتخذ من دون الله اندادا والند في عصرنا المعاصر المال والسلطة والتجارة والاقتصاد البغيض وهو نفسه الأمر قديما ولكن لم يكن بالصورة التي عليها الآن، يحبونهم كحب الله ، وللأسف ولو انه هناك ذرة من حب الله في قلبه لما رأينا ما يحدث في وطننا العربي طيلة أكثر من عشرة أعوام من هدر ثورات ونعم الله على المسلمين في فسك دمائهم بعضهم البعض وقد ورد في الأثر أن رجلا سأل سيدنا عسى عليه السلام أن يدعو الله أن يجعل في قلبه ذرة من حب الله وبالفعل دعا له سيدنا عيسى عليه السلام واستجاب الله له من فضله و رحمه وذات يوم مر على هذا العبد وناداه ولم يجب فغضب سيدنا عيسى كيف لأحد أن لا يجب النبي فشكاه لله ، فقال الله تعالى يا موسى لن يسمعك ولن يرد ولن شطرته نصفين ماتحرك ساكنا فقد جعلت في قلبه ذرة من حبي ومن جعلت في قلبه ذرة من حبي اخذ بحبي ولم يأخذه شئ ولن يعنيه شئ . فما بالكم بمن أعطاهم الله من التجار و غيرهم من ثروات ونعم وسلطتوها على جيوب الناس وعلى حياتهم ابتغاء أموال أكثر وجاه و سلطة فقد غاب حب الله عن قلوبهم حتى الذرة لم يعطوها مجال و افسحوا الطريق للانداد من صور الاقتصاد بل و أخذوا في تنمية ثرواتهم على حساب اقتصاد البشر وارواحهم وخلاصة القول فكل ما كان يمكن أن يزول لو اننا تبنا إلى الله واحسنا لعباده ورددنا الحقوق لأصحابها فلا يزال الله يهبط الي السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ويقول هل من سائل فأجيبه هل من عاصي اتوب عليه ويابخت العاصي إذا ذهب إلى الله فيقول له لبيك ثلاث مرات

لن ينصلح حال الاقتصاد الا بصلاح علاقتنا مع الله وان لا نحب اموالنا ولا نفوذنا وسلطتنا أكثر من حبنا لله عز وجل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى