عديمو الخبرة من المستثمرين.. كيف يضيعون أموالهم ويدمرون السوق؟
عديمو الخبرة من المستثمرين.. كيف يضيعون أموالهم ويدمرون السوق؟
على مر التاريخ شهدت أسواق الأسهم نوبات من المبالغة في تقييم السوق، وذلك بداية من “جنون التوليب” قبل أربعمائة عام ووصولاً إلى فقاعة الإسكان بالولايات المتحدة التي تسببت في أزمة مالية عالمية.
لكن اللافت للنظر هو وجود شيء مشترك بين جميع الفقاعات التي انفجرت على مر التاريخ، وهو أن هذه الأحداث دائماً ما يسبقها دخول أعداد ضخمة من المستثمرين الجدد عديمي الخبرة إلى السوق تبحث عن الثراء السريع، معتقدة أن السوق هو ماكينة أقمشة، تُدِخل الخيوط من ناحية وتستقبل القماش من الأخرى.
الأمر عادة ما يبدأ بفكرة تأسر عقول الناس فجأة وتذهب بمنطقهم وألبابهم. وهذا ما حدث مثلاً في فقاعة “التوليب” التي اغتالت عقول هولندا بأكملها، ودفعت العامة من كل الطبقات (من أدناها إلى أعلاها) إلى إهمال مصانعهم وحرفهم وزراعتهم، وبيع أراضيهم ومنازلهم من أجل التجارة في التوليب.
نفس السيناريو، حدث في فقاعة الإنترنت بأواخر التسعينيات، حيث كان المحرك الرئيسي للارتفاعات الضخمة التي شهدتها أسعار أسهم شركات التكنولوجيا هي الزيادة الكبيرة في أعداد المشاركين الجدد حديثي العهد بسوق الأسهم، بالإضافة إلى ضعف خبرة مديري الصناديق الشباب الذين كانوا يستحوذون على نسبة أكبر من أسهم شركات التكنولوجيا مقارنة مع نظرائهم من ذوي الخبرة.
وعلى نفس المنوال كانت فقاعة الإسكان في الولايات المتحدة. فجأة انتبه الأمريكيون إلى العقارات واعتبروها استثمار العمر. فطوال الـ14 عاماً الممتدة بين عامي 1980 و1994 ظلت نسبة المنازل المملوكة لأصحابها في الولايات المتحدة تستقر عند 64%، ولكنها ارتفعت لتصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في عامي 2004 و2005، قبل أن تعكس اتجاهها وتنخفض في عامي 2006 و2007، وسجلت أكبر انخفاض سنوي في تاريخها في عام 2008.
في هذا التقرير سنتناول تأثير دخول أعداد كبيرة من المستثمرين مفتقري الخبرة فجأة ومرة واحدة إلى السوق، وكيف أن أكثرهم يضيع أمواله، وقد يتسببون بسلوكهم في تدمير السوق. وفي الحقيقة إن هذه النقطة أهملتها أغلب المؤلفات النظرية حول الفقاعات المالية والتي ركزت على الظروف الكلية والجزئية التي تنشأ في ظلها الفقاعة، ولم تنظر في دور المستثمرين الجدد في خلقها وتوسعة رقعتها.
وبعيداً عن الفقاعات الشهيرة التي يعرفها الجميع، سنقوم في هذا التقرير بتناول حادثة وقعت بسوق الأسهم الصيني يعرفها العديد من المختصين والأكاديميين، لأنها توضح أكثر من غيرها خطورة سيطرة ضعيفي الخبرة على السوق، وهي فقاعة ضمانات الشراء (Call Warrant) الخاصة بشركة “باوستيل جروب” أكبر شركة لتصنيع الصلب في الصين، لكي نرى إلى أي مدى قد تلعب خبرة المستثمر دوراً في توجيه السوق.
هذه الورقة المالية كانت أول عقد مشتقات يتم تداوله في البورصة الصينية بعد توقف دام لتسع سنوات. وبمجرد أن طرحت في السوق اندفع الناس (أغلبهم من قليلي الخبرة حديثي العهد بالسوق) نحوها مما أدى إلى تكوين فقاعة كبيرة، ارتفع خلالها سعر الورقة إلى أكثر من 5 أضعاف قيمتها الأساسية المقدرة.
اندفاع المستثمرين الجدد
– تعتبر بورصة شنغهاي التي تأسست في عام 1990، واحدة من البورصتين الرئيسيتين في الصين. وبالتوازي مع النمو السريع للاقتصاد، حققت البورصة توسعاً ملحوظاً، وبحلول عام 2010 اقترب عدد المستثمرين بها من 80 مليوناً يتداولون أسهم 894 شركة مدرجة، بقيمة سوقية إجمالية تبلغ نحو 18 تريليون يوان (2.7 تريليون دولار أمريكي).
– يمكننا تقسيم تطور سوق عقود الضمانات في الصين إلى فترتين: الأولى من عام 1992 إلى 1996، والثانية من عام 2005 وحتى عام 2011. خلال الفترة بين عامي 1996 و2005 كانت هذه العقود ملغاة من سوق الأسهم الصيني بسبب أنشطة المضاربة المتهورة.
“باوشان آيرون آند ستيل” المعروفة باسم “باوستيل” هي أكبر شركات الحديد والفولاذ في الصين وأكثرهم تقدماً، وقد أدرجت في بورصة شنغهاي في ديسمبر/كانون الأول 2000، وبحلول عام 2005 كان لدى الشركة 17.5 مليار سهم مصدر.
– بعد قيامها بعدد من الإصلاحات التنظيمية، سمحت البورصة الصينية بهذا النوع من العقود مرة أخرى، لتقوم “باوستيل” بطرح 388 مليوناً من عقود ضمانات شراء في 22 أغسطس/آب 2005، بأجل استحقاق قدره 378 يوم، وبلغ سعر التنفيذ (Exercise Price) 4.2 يوان.
– معنى هذا أن حامل هذا العقد بإمكانه شراء سهم واحد من أسهم “باوستيل” من الشركة نفسها مقابل 4.2 يوان بحلول موعد التنفيذ وهو 30 أغسطس/آب 2006، وكان هذا العقد من النوع الأوروبي (لا یمكن لحامله تنفیذه واستبداله بسهم إلا في تاریخ الاستحقاق، لكن يمكنه بيع العقد).
– على هذا الأساس، بدأ التداول على العقد، وفي أول يوم وصل سعره إلى 1.263 يوان أي أعلى من القيمة الأساسية المقدرة البالغة 0.688 يوان (التي تم حسابها وفقاً لمعادلة بلاك شولز) بنسبة 84%، وفي اليوم التالي قفز إلى 2.088 يوان، أي أعلى بنسبة 203.5% مقارنة مع سعر الافتتاح في يوم التداول الأول.
إذا كل هؤلاء سيشترون … فمن سيبيع؟
– كان هناك اندفاع رهيب من قبل المستثمرين على العقد، مما أدى إلى حدوث اختلالات ضخمة بين أوامر البيع والشراء، حيث كان عدد المستثمرين على جانب الشراء أعلى 20 مرة مقارنة بعددهم على جانب البيع خلال يوم التداول الأول، وبلغ إجمالي طلبات الشراء 719.3 مليون عقد في حين أي ضعف حجم المصدر منها أساساً.
– خلال آخر 60 يوم تداول، انخفض سعر ضمان الشراء من 1.6 يوان إلى الصفر تقريباً، وخسر حاملو هذه العقود أغلب أموالهم، ولكن سبب خسارتهم ليس انخفاض قيمة العقد إلى الصفر، وإنما كان السبب هو أن سعر السهم في يوم التنفيذ (30 أغسطس 2006) كان أقل من مجموع سعر التنفيذ (4.2 يوان) وسعر الضمان.
– الفقرة التالية ستحتاج إلى كل تركيزك: كيف خسر هؤلاء أموالهم بالضبط؟ ضمان الشراء هو نوع من عقود الخيارات، يعطي المستثمر الحق في شراء سهم الشركة مقابل ثمن محدد مسبقاً في تاريخ محدد مسبقاً أيضاً. وهذا الضمان له ثمن يدفعه المستثمر للشركة.
– سعر التنفيذ في عقد “باوستيل” كان 4.2 يوان، فإذا افترضنا أن سعر سهم الشركة كان يساوي 10 يوانات، فعند حلول موعد استحقاق العقد سيعطي المستثمر للشركة 4.2 يوان فقط ويحصل منها على السهم، ويكون بذلك حقق مكسباً قدره 10 يوانات (سعر السهم بالسوق) مطروحاً منها مجموع سعر التنفيذ (4.2 يوان) وما دفعه المستثمر مقابل عقد الضمان.
لكن ما حدث حقيقة في حالة “باوستيل” أنه عندما حل موعد الاستحقاق كان سعر السهم يساوي أقل بكثير من مجموع سعر التنفيذ (4.2 يوان) وسعر الضمان.
– ببساطة أكثر: لنفترض مثلاً أنك تتاجر في العقارات، وجاء إليك صديق يرغب في شراء شقة بعد سنة من الآن، ويريد أن يضمن أن سعر تلك الشقة لن يرتفع كثيراً عن مستواه الحالي. حينها تعرض أنت عليه عقد ضمان سعره 10 آلاف ريال.
– في هذا العقد أن تضمن له أنك ستبيعه الشقة مقابل 100 ألف ريال بعد سنة، وهو يقبل ويعطيك الـ10 آلاف ريال ويأخذ الضمان. تمر الأيام ويأتي موعد الاستحقاق ولكن حينها انخفض سعر الشقة إلى 80 ألفاً. هل سيقوم صديقك بتنفيذ العقد؟ بالتأكيد لا. لماذا قد يشتريها منك بـ100 ألف ريال في حين أنها في السوق بـ80. وهكذا خسر الـ10 آلاف التي دفعها إليك مقابل العقد. فهذا العقد ملزم لك، في حين أن صديقك بإمكانه الاختيار.
– لكن إن حدث وارتفع سعر الشقة إلى 150 ألف ريال عند موعد الاستحقاق، فإنه بالتأكيد سيقوم بتنفيذ العقد، ويعطيك الـ100 ألف ريال ويأخذ الشقة، وهكذا حقق ربحاً قدره 40 ألف ريال وهي عبارة عن الـ 150 ألف ريال مطروحاً منها سعر التنفيذ وسعر الضمان (110 آلاف ريال). الأمر في حقيقته رهان بينكما على اتجاه السوق العقاري. وهذا بالضبط ما حدث في حالة “باوستيل”.
سيطرة قليلي الخبرة على السوق.. ثقة مفرطة بالنفس
– الشاهد من قضية “باوستيل” هو أن 90% من عدد أوامر الشراء و94% من حجم الطلب على عقد “باوستيل” جاء من جانب المستثمرين الجدد والذين شكلوا 93% من إجمالي عدد المتداولين على السهم. كانوا يزايدون بجنون على العقد.
– هذا الوضع تسبب في خوف الكثير من المؤسسات والمستثمرين الأفراد ذوي الخبرة، والذين سارع أغلبهم إلى تصفية مراكزه في تلك العقود، بعد أن لاحظوا اندفاع القادمين الجدد على العقد خلال الأسبوع الأول من التداول، ولم يتجاوز إجمالي حيازة المؤسسات الاستثمارية من ذلك العقد الـ1% (0.9% تحديداً).
الكثير من الدراسات التجريبية تشير إلى أن هؤلاء الذين يدخلون بأعداد كبيرة إلى أسواق الأسهم ويتسببون بسلوكهم في خلق الفقاعات، يعزف أغلبهم عن المشاركة بالسوق مرة أخرى بعد أن يكتووا بنيران الفقاعة، وعادة لا تحدث فقاعة أخرى إلا بعد ظهور جيل جديد لم يعايش التجربة، ويندفع أفراده مرة واحدة إلى السوق مستعدين لشراء أسهم مبالغ في سعرها.
– هناك ملاحظة تفسر إلى حد ما سلوك ضعيفي الخبرة أشار إليها بحث نشره “يوسف بونابرت” الأستاذ المساعد بجامعة كولورادو في دنفر في أغسطس/آب 2017، وهي أن المستثمرين الشباب قليلي الخبرة يميلون غالباً إلى الإفراط في الثقة بأنفسهم بينما لا يزالون يخطون خطواتهم الأولى في سوق الأسهم.
– على النقيض يشير ذات البحث إلى أن كبار المستثمرين العالميين المتواجدين بالسوق منذ أكثر من 20 عاماً كلما زادت خبرتهم أصبحوا أقل ثقة وأكثر تشككاً في السوق.
– أكثر من يعاني من هذا الوضع، هم ذوو الخبرة من مستثمري القيمة، والذين يجدون أنفسهم عاجزين أمام التحركات غير المنطقية للسوق. ففي مثل هذه النوبات آخر شيء قد يحرك سعر السهم هو أساسياته المالية. ولذلك يقوم أغلبهم في مثل هذه الحالات بالتراجع إلى الخلف، بسبب إدراكهم لخطورة اشتراكهم في سوق كل أسسه غير قابلة للقياس.
– في بيئة مثل هذه عادة ما يظهر المضاربون المتمرسون الذين يبدأون في نصب الفخاخ لأولئك المندفعين إلى السوق بحثاً عن الثراء والذين يخسرون أموالهم التي ربما كانت في الأصل ثمن منزل باعه صاحبه ليشترك في ما اعتقد أنها لعبة مضمونة. ولكن بعد أن تلسعه نيران السوق، يخرج منه بلا رجعة، معتقداً أن الأسهم ما هي إلا عملية نصب، غير أنه في الحقيقة كان ضحية سلوكه واندفاعه.
– المستثمر قليل الخبرة لا يمثل بحد ذاته أي مشكلة، ففي كل الأسواق يوجد قليل ومتوسط وكثير الخبرة، لا يوجد سوق كله خبراء، ولكن المشكلة تظهر حين يصبح قليلو الخبرة هم الأكثر عدداً في السوق، وهذا غالباً لا يحدث إلا إذا كان هناك تساهل من الجهات التنظيمية في ما يخص قواعد السوق.
سوق الأسهم السعودي .. ما قبل الفقاعة
– أشارت دراسة أعدتها شركة الأبحاث الأمريكية “بيلا ريسرش جروب” في عام 2017 ونشرتها هيئة السوق المالية السعودية إلى أن جاذبية سوق الأسهم السعودي ازدادت في أواخر عام 2002، وبالتحديد حين طرحت شركة الاتصالات السعودية 30% من أسهمها للاكتتاب العام.
– في ذلك الوقت دخلت أعداد كبيرة من المواطنين إلى سوق الأسهم لأول مرة. ومن أصل 90 مليون سهم طرحتهم الشركة، بيع 60 مليوناً للمستثمرين الأفراد، بينما كان الباقي من نصيب اثنين من صناديق المعاشات التقاعدية.
– قبل إدراج شركة الاتصالات السعودية لم يكن هناك سوى 40 ألف محفظة استثمارية نشطة في المملكة، ولكن عقب طرحها للاكتتاب العام تضاعف العدد وواصل ارتفاعه منذ ذلك الحين. في الوقت نفسه تشير بعض الروايات إلى أن نصف سكان المملكة البالغ عددهم 17.4 مليون نسمة (في ذلك الوقت) شارك في الاكتتاب العام الخاص بشركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات “ينساب” في عام 2005.
– شهدت أسعار أسهم هاتين الشركتين وشركات أخرى ارتفاعات هائلة في فترة صغيرة نسبياً مما ساهم في جذب من المواطنين إلى سوق الأسهم. فعلى سبيل المثال، بلغت العائدات الأولية لأسهم شركة الاتصالات 39%، في حين قفز سهم شركة “الصحراء” بنسبة 200% عقب إدراجها في يونيو 2004، بينما شهد سهم شركة “اتحاد اتصالات” مكاسب قدرها 500% بعد طرح الشركة في ديسمبر 2004.
– نظرياً، إقبال المواطنين الأفراد على البورصة يعتبر شيئا إيجابيا جداً بالنسبة لأي اقتصاد والاقتصاد السعودي ليس استثناءً . ولكن المشكلة هي أن أعدادا كبيرة جداً من المستثمرين الأفراد لم تكن على دراية بأصول وقواعد الاستثمار في سوق الأسهم.
– حينها كان الاستثمار في سوق الأسهم هو الأسهل والأكثر جاذبية مقارنة مع الخيارات الاستثمارية الأخرى. ففي عام 2005 أي قبل انهيار السوق، كان الحد الأدنى لرأس المال اللازم لبدء نشاط تجاري يبلغ نحو 129 ألف دولار، في حين أن عملية استيفاء التراخيص والتصاريح اللازمة تستغرق 131 يوماً، وتتضمن 18 إجراءً، وتكلف المواطن 82% من متوسط دخله.
– من لديه أموال وضعها كلها في الأسهم، ومن ليس لديه اقترض. وفقاً لبيانات مؤسسة النقد العربي ارتفعت مستويات الديون الشخصية بشكل ملحوظ في الفترة بين عامي 2002 و2006. وفي الوقت نفسه، أشارت تقارير إلى أن أعدادا كبيرة من أفراد الطبقة المتوسطة الذين يتمتعون بخبرة استثمارية ضحلة أو معدومة باعوا سياراتهم وصفوا مدخراتهم للمشاركة في السوق.
– شكل المتداولون الأفراد 95% من حجم التداول في السوق، ولم يكن هناك سوى عدد قليل من المستثمرين المؤسساتيين، كما لم توجد عملياً أي استثمارات من قبل المؤسسات الدولية القادرة على رسم خطط طويلة الأجل من شأنها أن تحد من التقلبات.
– للأسف كان ينظر إلى أي جهود تبذل لمحاولة إبطاء التداول أو رفع وعي المستثمرين الأفراد بالمخاطر التي قد يتعرضون لها بعين الاستنكار والشك. كما أن منع الاستثمار في الشركات ذات المخاطر العالية واشتراط الشهادات أو المؤهلات من أجل الاستثمار أو حتى مطالبة المستثمرين المحتملين بملء الاستبيانات التي تتأكد من فهمهم لمخاطر الاستثمار، كانت ينظر إليها باعتبارها عوائق مزعجة تحول دون كسبهم المال.
– كانت التقارير البحثية حول الأسهم المدرجة بالسوق شحيحة جداً. ولكن حتى لو كانت هناك أبحاث، فلم يكن لدى الكثير من المستثمرين الأفراد القدرة على فهم وتفسير المعلومات والبيانات المالية الموجودة بتلك الأبحاث. لماذا يرهقون أنفسهم في حين أن شبكة الإنترنت كانت تعتبر مصدراً جاهزاً للمعلومات غير المؤكدة ومجهولة المصدر؟
أهمية المعلومة في سوق الأسهم
– في الحقيقة إن مصدر خطورة عديمي الخبرة يكمن في أن قراراتهم الاستثمارية لا علاقة لها بأساسيات الشركات، وإنما يتخذونها بناء على نصائح من الأقارب والأصدقاء ومعلومات منتشرة على المنتديات، وفي أحسن الأحوال يعتمدون على أنماط التسعير السابقة.
– ما لا يدركه هؤلاء، هو أنه في سوق مثل سوق الأسهم بالتحديد لا يوجد شيء أثمن من المعلومة، والمعلومة دائماً لها ثمن، لا أحد سيعطيها لك مجاناً. الشخص الذي يشارك معك على المنتدى نصائحه حول الأسهم، لو كان متأكداً منها ومن ربحيتها لما أعطاها لك.
– برأيك لماذا قد يدفع مستثمر ألف ريال للحصول على تقرير لا يزيد طوله عن ورقتين حول أداء شركة معينة؟ هل تعتقد أنه يهدر أمواله؟ إذا قام أحدهم بإجراء تحليل لأساسيات شركة معينة واستنتج أن سهمها يتم تداوله مقابل 30% أقل من قيمته الجوهرية، هل تعتقد أنه سيشارك تلك المعلومة معك أو مع غيرك؟
– ثلاث كلمات أخيرة: الأولى لحديثي العهد بالسوق: الأسهم تعتبر من أهم أدوات تنمية رأس المال المتاحة في هذه الأيام، والنجاح فيها لا يتطلب أكثر من الصبر والثبات وعدم الاندفاع وراء الاتجاهات الرائجة، واتخاذ القرار بناء على المعلومة موثوقة المصدر، والثقة في أن أساسيات الشركة ستنعكس عاجلاً أو آجلاً على سعر سهمها.
– تجنب المضاربة في البداية على الأقل، لأنها لعبة خطرة جداً، واعلم أن أسعار الأسهم ليست صعودية دائماً، فالانخفاض جزء من اللعبة، ومن الممكن جداً أن تأخذك وتهبط إلى القاع، أو إلى ما دون القاع إذا كنت تستخدم رافعة مالية كبيرة. والأهم من كل ما سبق ثقف نفسك مالياً، وتعلم كيف تقرأ البيانات المالية للشركات.
– الكلمة الثانية هي لذوي الخبرة من مستثمري القيمة: عندما تلاحظ وجود مثل هذه النوبات استتر وقلل بقدر الإمكان تعرضك للسوق، لأنك لن تستطيع مهما حاولت توقع اتجاهه وتذكر كلمة المستثمر الأمريكي الشهير وارن بافيت: “سأقول لك كيف تكون غنيًا، كن خائفًا متى كان الآخرون جشعين، وكن جشعًا متى كان الآخرون خائفين”.
– أخيراً، إن أكثر شيء محزن في هذه الفقاعات هم المتقاعدون والأرامل وغيرهم من ذوي الدخل المنخفض الذين يقومون بتصفية مدخراتهم وبيع منازلهم أو أي أصول أخرى ليدخلوا سوق الأسهم وفي أذهانهم تصورات غير منطقية لحجم العوائد المتوقعة. هؤلاء للأسف قد يخسرون كل شيء.
نقلاً عن: موقع أرقام