أيمن صالح يكتب لـ “إيكو نيوز”.. ذئب في وادي السيليكون

هناك في المنطقة الجنوبية عند خليج سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا أكبر تجمع لعمالقة التكنولوجيا في العالم بواد يعرف بـ”وادي السيليكون”.

عرف المكان، بسيليكون فالي نظرا لوجود عدد ضخم من منتجي ومطوري الرقائق السيليكونية أي “الدوائر الإلكترونية المتكاملة”، وهي صناعة تسيطر على مفاصل العالم الإنتاجية والتكنولوجية على حد سواء.

أي أن عقل أمريكا يكاد يكون هذا الوادي من المنتجين، الذي بكل تأكيد يحتاج إلى رافد للتمويل الذي لا يعرف حدود، فاتجهت البنوك للوادي ذات الاستثمارات الآمنة والمسيطرة على العالم وكلها ثقة بالربح.

العقلية الربحية

عقلية الربح في أمريكا هي السائدة كونها دولة تدار بمنهج الشركة المساهمة التي تهتم بمصالح موظفيها من خلال أدوات عديدة أهمها الحفاظ على معدلات التشغيل وأيضا السيطرة الدائمة على التضخم القاتل لأي عملة نمو سواء في أمريكا أو أي مكان في الأرض.

على أرض وادي السيليكون ولدت الفرص الكبرى للتمويل وتوسعت البنوك ما يعيد للأذهان هذا النهم الشره نحو التمويل العقاري في نهاية الألفية تحديدا منذ العام 2007، حتى استفاق العالم على كارثة مدوية حين انهار أكبر بنوك أمريكا ليمان براذر.

أزمة ديون عاتية

مأساة هذا البنك صدرت للعالم أزمة ديون عاتية هزت أسواق المال في جميع أرجاء الأرض، حتى صباح الجمعة العاشر من مارس لكن هذه المرة في عام 2023، ففي الوقت الذي تشدد فيه أمريكا من سياستها النقدية لحصار التضخم، انهارت أسهم مصرف فالي سيليكون بنك وفقدت أكثر من 60% من قيمتها في 4 ساعات تقريبا.

انهيار فالى سيليكون

ليبدأ العد التنازلي السريع لانهيار واحد من أكبر 16 بنكا في أمريكا، وخلال ساعات تعلن الجهات المختصة إغلاق البنك حماية لأموال المودعين، وسط أجواء لا تخلو من نظرية المؤامرة حيث ثبت باليقين أن رئيس البنك باع أسهمه من البنك قبل الانهيار بساعات.

بعيدا عن تلك النظرية المدمرة أي المؤامرة، هناك أزمة بدأت تشق طريقها إلى أسواق العالم وارتجفت أسهم البنوك في جميع الأسواق حتى بلغت خسائرها اكثر من 190 مليار دولار في أسواق عدة، ولا أحد يدري ما الذي تخبأه الأيام لأسواق العالم التي ما كادت تودع جائحة كورونا المدمرة وفاتورة حرب أوكرانيا القاسية.

العملات المشفرة

الانهيارات أو الإفلاسات لم تقف عند فالي سيليكون بنك بل امتدت إلى لبنوك أمريكية أخرى ذات صلة بالعملات المشفرة وبشركات وادي السيليكون أيضا، بل أصبح ذئب اسمه الإفلاس يهدد بالتهام 5 بنوك كبرى في أمريكا ما يشير إلى اقتراب حدوث أزمة مصرفية عالمية.

أذ يوجد حوالي 5 مقرضين إقليميين في الولايات المتحدة لديهم أكبر قدر من الودائع غير المؤمن عليها، والبداية عند فيرست ريبابليك بنك برصيد من الودائع غير المؤمن عليها يبلغ 119.5 مليار دولار، كذلك بنك كوميريكا برصيد من الودائع غير المؤمن عليها تبلغ 45.5 مليار دولار.

وثالثا يأتي بنك ويسترن أليانس برصيد من الودائع غير المؤمن عليها بنحو 31.1 مليار دولار، يليه بنك زايونز برصيد من الودائع غير المؤمن عليها بنحو 37.6 مليار دولار، وخامسا بنك سينوفوس برصيد من الودائع غير المؤمن عليها – 25.1 مليار دولار.

إدارة بايدن

الخلاصة وبعيدا عن زخم وزحام الأرقام، العالم أمام تحد كبير فأكبر دولة اقتصاديا في العالم قد تخلت عمدا أو غير متعمدة عن قواعد مصرفية عامة يدرسها طلاب الاقتصاد في جميع مدارس وجامعات العالم ما يضع أموال العالم بين أنياب ذئب مفترس اسمه الإفلاس.. فهل تخمد إدارة بايدن في أمريكا جائحة مصرفية قد تكون اشد قسوة من جائحة كورونا على البشرية التي يأكلها التضخم بلا رحمة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى